الاستفادة من الوعود والأمنيات الكاذبة التي يطلقونها بمختلف الحيل ، فهؤلاء الشياطين يعدّون مجموعة ماهرة ومتمكنة من علماء النفس لغواية الناس البسطاء منهم والأذكياء ، كلا بما يناسب وضعه ، ففي بعض الأحيان يصورون لهم حالهم بأنّهم سيصبحون قريبا من الدول المتمدنة والكبيرة ، أو أنّ شبابهم لا مثيل له ، ويستطيع الشباب في بلدانهم أن يصل من خلال إتباعه برامجهم إلى أوج العظمة ، وهكذا في بلدانهم يغرقوهم في هذه الخيالات الواهية التي تتلخّص في جملة (وَعِدْهُمْ).
في أحيان أخرى يسلك الشياطين طريقا معكوسة ، إذ يصوّرون للبلد بأنّه لا يستطيع مطلقا مواجهة القوى الكبرى ، وأنّهم متأخرون عن هذه القوى بمائة عام أو أكثر ، وبهذا الأسلوب تزرع المبررات النفسية لاستمرار التخلف وعدم انطلاق جهود البلد الضعيف نحو العمل والبناء الحقيقي.
بالطبع هذه القصّة لها بدايات بعيدة ، وطرق نفوذ الشيطان فيها لا تنحصر بواحد أو اثنتين.
ولكنّ (عباد الله) الحقيقيين والمخلصين ، وبالاتكاء على الوعد القرآني القاطع بالنصر ، والذي تضمنته هذه الآيات ، سيقومون بمحاربة الشياطين ولا يسمحون بالتردد يساور أنفسهم ، وهم يعلمون ـ برغم الأصوات الكثيرة للشياطين ـ أنّهم سينتصرون ، وإنّهم بصبرهم وصمودهم وبإيمانهم وتوكلهم على الله سوف يفشلون الخطط الشيطانية ، وذلك قوله تعالى : (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً).
٣ ـ أمّا لماذا خلق الله الشيطان؟ فقد بحثنا ذلك في الآية (٣٩) من سورة البقرة. وفيما يخص وساوس الشيطان وأشكالها ولبوساتها ، ومعنى الشيطان في القرآن ، فقد بحثنا كل ذلك في ذيل الآية (١٣) من سورة الأعراف. والآية (٣٩) من سورة البقرة من هذا التّفسير.
* * *