الاستناد إلى قوة فوق قوة البشر ، أي قوة الله عزوجل.
إنّ من يؤمن بالله ، ويعتقد أن علمه وقدرته غير محدودة ، لا يقدر على إنكار هذه الأمور ، أو ينسبها إلى الخرافة كالماديين.
المهم في المعجزة هو عدم استحالتها عقلا ، وهذا الأمر يصدق هنا كاملا ، فلا يوجد أي دليل عقلي على نفي تبدل العصا إلى ثعبان عظيم.
أليس العصا والحية العظيمة كانتا ترابا في الماضي السحيق؟ من الطبيعي أن المدة قد استغرقت ملايين أو مئات الملايين من السنين حتى ظهرت على شكل هذه الموجودات. لا تفاوت في هذه المسألة سواء قلنا بتكامل الأنواع أو ثبوتها ، لأن أخشاب الأشجار والحيوانات قد خلقت جميعا من التراب على كل حال. غاية ما في الأمر أن العمل الإعجازي هنا اختصر كل تلك المراحل التي كان يجب أن تطوى خلال سنين طويلة في لحظة واحدة ، وفي مدّة قصيرة جدّا ، فهل يبدو مثل هذا الأمر محالا؟
من الممكن أن أكتب باليد كتابا ضخما في سنة ، فإذا وجد شخص يستند ويعتمد على الإعجاز ويؤدي هذا العمل في ساعة أو أقل ، فإنّ هذا ليس محالا عقليا ، بل هو خارق للعادة. (دققوا ذلك).
على كل حال ، فإنّ القضاء العجول حول المعجزات ، ونسبتها ـ لا سمح الله ـ إلى الخرافات أمر بعيد عن المنطق والعقل. الشيء الوحيد الذي يحفز ويثير هذه الأفكار أحيانا ، هو أنّنا قد اعتدنا على العلل والمعلولات الطبيعية ، إلى الحد الذي اعتقدنا أنّها من الضروريات ، وكل ما يخالفها فهو مخالف للضرورة ، في حين أن هذه العلاقة بين العلة والمعلول أمر طبيعي ، وليس له صفة الضرورية ، ولا مانع من أن يظهرها عامل أقوى من الطبيعة بشكل آخر (١).
__________________
(١) تحدثنا أيضا حول هذا الموضوع ذيل الآية (١٠٧) من سورة الأعراف.