والجسدي هو أثبت الموجودات من ذوي الأرواح وأكثرها نشاطا واستعدادا في مضمار الفاعلية الفكرية والجسدية التي يتضمّنها والتي أدّت إلى تشييد المدنية الراهنة بكل مظاهرها»(١).
الآية التي بعدها تشير إلى موهبة أخرى من المواهب الإلهية التي حباها الله للإنسان ، ورتّبت عليه المسؤوليات الثقيلة بسبب هذه المواهب.
ففي البداية تشير الآية إلى قضية القيادة ودورها في مستقبل البشر فتقول : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) يعني أنّ الذين اعتقدوا بقيادة الأنبياء وأوصيائهم ومن ينوب عنهم في كل زمان وعصر ، سوف يكونون مع قادتهم ويحشرون معهم ، أمّا الذين انتخبوا الشيطان وأئمّة الضلال والظالمين والمستكبرين قادة لهم ، فإنّهم سيكونون معهم ويحشرون معهم.
خلاصة القول : إنّ الارتباط بين القيادة والأتباع في هذا العالم سوف ينعكس بشكل كامل في العالم الآخر ، وطبقا لهذا الأمر سيتم تحديد الفرق الناجية ، والأخرى التي تستحق العذاب.
بالرغم من أنّ بعض المفسّرين قد حصر كلمة (إمام) ب (الأنبياء) والبعض الآخر حصرها بمعنى (الكتب السماوية) والبعض الثّالث ب (العلماء) ، إلّا أنّ من الواضع أنّ كلمة (إمام) في هذا المكان لها معنى أوسع ، وتشمل أية قيادة سواء تمثّلت بالأنبياء أو أئمّة الهدى أو العلماء أو الكتاب والسنة. ويدخل في معنى الكلمة أيضا أئمّة الكفر والضلال ، وبهذا الترتيب فإنّ كل إنسان سيسلك في الاخرة مسار القائد الذي انتخبه لنفسه في الدنيا اماما وقائدا.
هذا التعبير والإشارة إلى دور الإمامة وكونها من أسباب تكامل الإنسان ، يعتبر في نفس الوقت تحذيرا لكل البشرية كي تدقق في انتخاب القيادة ، ولا تعطي أزمّة وجودها الفكري والحياتي بيد أي شخص كان.
__________________
(١) الإنسان ذلك المجهول ، الكسيس كارل ، ص ٧٣ ـ ٧٤.