تخصك أنت دون غيرك يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أمّا البعض الآخر فيعتقد بأنّ صلاة الليل كانت بالأصل واجبة على الرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم بقرينة آيات سورة المزمّل ، إلّا أنّ هذه الآية نسخت الوجوب وأبدلته بالاستحباب.
ولكن هذا التّفسير ضعيف ، لأنّ النافلة لم تكن تعني (الصلاة المستحبّة) كما نسميها اليوم ، بل تعني الزيادة والإضافة ، ونعلم أنّ صلاة الليل كانت واجبة على الرّسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، لذلك فهي إضافية على الفرائض اليومية.
على أية حال في ختام الآية تتوضح نتيجة هذا البرنامج الإلهي الروحاني الرفيع حيث تقول : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).
ولا ريب فإنّ المقام المحمود هو مقام مرتفع جدّا يستثير الحمد ، حيث أن (محمود) مأخوذة من (الحمد). وبما أنّ هذه الكلمة وردت بشكل مطلق ، لذا فقد تكون إشارة إلى أنّ حمد الأوّلين والآخرين يشملك.
الرّوايات الإسلامية الواردة عن طريق أهل البيت عليهمالسلام أو عن طريق أهل السنة ، تشير إلى أنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة الكبرى. فالنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو أكبر الشفعاء في ذلك العالم ، وشفاعته تشمل الذين يستحقونها.
أمّا الآية التي بعدها فإنّها تشير إلى أحد التعاليم الإسلامية الأساسية والذي ينبع من روح التوحيد والإيمان : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) (١). فأي عمل فردي أو اجتماعي لا أبدؤه إلّا بالصدق ولا أنهيه إلّا بالصدق ، فالصدق والإخلاص والأمانة هي الخط الأساس لبداية ونهاية مسيرتي.
بعض المفسّرين أراد تحديد المعنى الواسع لهذه الآية في مصداق أو مصاديق معنية ، فمثلا قال بعضهم : إنّ الآية تعني الدخول إلى المدينة والخروج
__________________
(١) (مدخل) و (مخرج) هي تعني الإدخال والإخراج ، تؤدي هنا المعنى المصدري.