منبعثة عن الإخلاص والدافع الديني الإلهي : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً).
وممّا مرّ نخلص إلى هذه النتيجة ، وهي : أنّ المعوّقين كانوا منافقين يتميّزون بالصفات التالية :
١ ـ أنّهم لم يكونوا أهل حرب أبدا ، إلّا بنسبة قليلة جدّا.
٢ ـ لم يكونوا من أهل التضحية والإيثار سواء بالمال والنفس ، ولم يكونوا يتحمّلون أقلّ المصاعب والمتاعب.
٣ ـ كانوا يفقدون توازنهم وشخصيتهم في اللحظات الحرجة العاصفة من شدّة الخوف.
٤ ـ يظنّون أنّهم سبب كلّ الانتصارات ، ولهم كلّ الفخر عند الإنتصار.
٥ ـ أنّهم كانوا أناسا بلا إيمان ، ولم يكن لأعمالهم أيّة قيمة عند الله تعالى.
وهذه الصفات هي التي تعرفنا بالمنافقين في كلّ عصر وزمان ، وفي كلّ مجتمع وفئة.
وهذا الوصف الدقيق الذي وصفهم القرآن به يمكن من خلاله معرفة من يشاركهم في الفكر والسلوك ، وكم نرى بأمّ أعيننا في عصرنا من أمثالهم!!
وتجسّد الآية التالية بتصوير أبلغ جبن وخوف هذه الفئة ، فتقول : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) من شدّة خوفهم ورعبهم ، فقد خيّم عليهم كابوس مخيف ، فكأنّ جنود الكفر يمرّون دائما أمام أعينهم وقد سلّوا السيوف ومالوا عليهم بالرماح!
إنّ هؤلاء المحاربين الجبناء ، والمنافقين خائري القلوب والقوى يخافون حتّى من ظلالهم ، وينطوون على أنفسهم من الخوف لدى سماع صهيل الخيل ورغاء البعير ، ظنّا أنّ جيوش الأحزاب قد عادت!
ثمّ تضيف الآية : (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) أي منتشرون في الصحراء بين أعراب البادية ، فيختفون هناك ويتتبّعون أخباركم و