له عقل وقدرة ومكلّف بتكاليف إلهية ـ كما يستفاد من آيات القرآن ـ.
لقد صيغت حول «الجنّ» أساطير وحكايات وقصص خرافية كثيرة ، لو حذفناها لكان أصل وجودهم والصفات الخاصّة بهم التي وردت في القرآن موضوعا لا يخالف العلم والعقل مطلقا ، وسوف نتعرّض إن شاء الله لتفصيل هذا الموضوع أكثر عند تفسير سورة «الجنّ».
وعلى كلّ حال ، يستفاد من تعبير الآية أعلاه ، أنّ تسخير هذه القوّة العظيمة كان ـ أيضا ـ بأمر الله ، وأنّهم كانوا يتعرّضون للعقاب لدى تقصيرهم في أداء مهامهم.
قال بعض المفسّرين : إنّ المقصود من «عذاب السعير» هنا ، عقوبة يوم القيامة ، في حين أنّ ظاهر الآية يشير إلى أنّها عقوبة في الدنيا.
وكذلك يستفاد من الآيات ٣٧ و٣٨ من سورة «ص» بأنّ الله قد سخّر لسليمان عليهالسلام مجموعة من الشياطين لإنجاز أعمال عمرانية هامّة له ، وأنّهم كانوا يكبّلون بالسلاسل بأمر من سليمان عند ظهور أي تخلّف منهم (وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ).
والجدير بالملاحظة. هو أنّه لإدارة حكومة كبيرة ، ودولة واسعة كدولة سليمان يلزم وجود عوامل عديدة ، ولكن أهمّها ثلاثة عوامل ذكرتها الآية أعلاه وهي :
الأوّل : توفّر واسطة نقل سريعة مهيّأة على الدوام ، لكي يستطيع رئيس الحكومة تفقّد جميع أطراف دولته بواسطتها.
الثاني : مواد أوّلية يستفاد منها لصناعة المعدّات اللازمة لحياة الناس والصناعات المختلفة.
الثالث : قوّة عاملة فعّالة ، تستطيع الإفادة من تلك المواد بدرجة مناسبة ، وتصنيعها بالكيفية اللازمة ، وسدّ حاجة البلاد من هذه الجهة.
ونرى أنّ الله تعالى قد قيّض لسليمان هذه العناصر الثلاثة ، وقد حقّق سليمان منها أحسن الفائدة في ترقية الناس وتعمير البلاد وتحقيق الأمن فيها.