وهذا الموضوع لا يختّص فقط بعصر سليمان عليهالسلام وحكومته ، فالالتفات إليه ومراعاته من الضروريات اليوم وغدا ، وفي كلّ مكان لأجل إدارة الدول بطريقة صحيحة.
الآية التالية ، تشير إلى جانب من الأعمال الإنتاجية الهامّة ، التي كان يقوم بها فريق الجنّ بأمر سليمان.
يقول تعالى : (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ).
فكلّ ما أراده سليمان من معابد وتماثيل وأواني كبيرة للغذاء والتي كانت كالأحواض الكبيرة ، وقدور واسعة ثابتة ، كانت تهيّأ له ، فبعضها يرتبط بالمسائل المعنوية والعبادية ، وبعضها الآخر يرتبط بالمسائل الجسمانية ، وكانت متناسبة مع أعداد جيشه وعمّاله الهائلة.
«محاريب» جمع محراب ، ويعني «مكان العبادة» أو «القصور والمباني الكبيرة» التي بنيت كمعابد. كذلك أطلقت أيضا على صدر المجلس ، وعند ما بنيت المساجد سمّي صدر المسجد به ، قيل : سمّي محراب المسجد بذلك لأنّه موضع محاربة الشيطان والهوى (١). وقيل : سمّي بذلك لأنّ الإنسان فيه يكون حريبا من أشغال الدنيا ومن توزّع الخواطر (٢).
على كلّ حال ، فإنّ هؤلاء العمّال النشطين المهرة ، قاموا ببناء المعابد الضخمة والجميلة في ظلّ حكومته الإلهية والعقائدية ، حتّى يستطيع الناس أداء وظائفهم العبادية بسهولة.
«تماثيل» : جمع تمثال ، بمعنى الرسم والصورة والمجسمة ، وقد وردت تفاسير عديدة حول ماهية هذه التماثيل ولأي الموجودات كانت؟ أو لما ذا أمر سليمان
__________________
(١) مفردات الراغب ، مادّة (حرب).
(٢) المصدر السابق.