اهتديت الى ان ازور جدّي الاِمام موسى الكاظم عليه السلام.
ولقد ذهبت ليلة الجمعة الماضية الى الاِمام مستجيراً به ، وعندما وصلت الصحن الشريف طلبت من الكليدار (السادن) الشيخ علي ان يتفضّل ويفتح لي باب الضريح المقدّس ، ولكنّه امتنع اولاً ولم يرض بالمرّة ، وبعد اخذ وردّ ، رقّ لحالتي ، وفتح لي باب ضريح الاِمام موسى الكاظم ، فدخلته ضارعاً الى الله جلّ شأنه ان يعيد اليّ بصري وبعد مرور خمس دقائق او حولها احسست بعمود من البرق قد انبثق من هناك ، ومرّ على عينيّ فمسح بهما من ظلام ، وقد عادتا تبصران كأحسن ما يكون ، وانا بمَنِّ الرحمن لا احسّ وجعاً ولا اجد ألماً ، واشكره عزّ شأنه على هذه النعمة ، انه الرؤف بعباده وله الحمد اوّلاً وآخرا (من اهالي محلّة الحاج فتحي ببغداد السيد مصطفى الحسني) (١).
وقد تناول العلماء والشعراء هذه المعجزة الخالدة آنذاك فنظموها في قصائِدهم ، وقد اجادوا في النظم ، وابدعوا في الشعر ، فمنهم نابغة ادباء العراق العلّامة الكبير المغوفر له الشيخ محمد علي الأردبادي طاب ثراه (٢) ، فقد نظم قصّة السيد الحسني في قصيدة طويلة اقتطف منها الأبيات التالية ، قال رحمه الله :
__________________
(١) حكي ان حاكم بغداد طلب علماء (اهل) السنّة وعبّادهم فقال لهم كيف ذلك الرجل الأعمى اذا بات تحت قبّة موسى بن جعفر يرتدّ اليه بصره ، وابو حنيفة مع انه الاِمام الأعظم لم نسمع له بمثل هذه الكرامة؟ فأجابوه بأن هذا يصير ايضاً من بركات ابي حنيفة. فقال لهم احبّ ان ارى مثل هذا لأكون على بصيرة من ديني ، فأتوا فقيراً وقالوا له : نعطيك كذا وكذا من الدراهم وقل انّي اعمى وامش متكيا على العصا يومين او ثلاثة ، ثم تأتي ليلة الجمعة عند قبر ابي حنيفة فاذا اصبحت فقل : الحمد لله ارتدّ بصري ببركات صاحب هذا القبر ، فقبل كلامهم ثم بات تلك الليلة تحت قبّته ، فلما اصبح بحمد الله وهو اعمى لا يبصر شيئاً ، فصاح وقال : أيّها الناس حكايتي كذا وكذا ، وانا رجل صاحب عيال وحرفة ، فاتصل خبره بصاحب البلد الحاكم ، فارسل اليه فقصّ قصّته واحتيالهم عليه فألزمهم بما يحتاج اليه من المعاش مدّ حياته (الأنوار النعمانية).
(٢) تقدمت ترجمته ص ١٤.