وأقام محمد بن سليمان بمصر أربعة أشهر ، وولي عليها بعده عيسى بن محمد (١) الوشريّ فأقام واليا عليها خمس سنين وشهرين ونصفا ، ومات سنة سبع وتسعين ومائتين ، فولّى المقتدر أبا منصور تكين الخاصة (٢) ، ثمّ صرف في سنة ثلاث وثلثمائة ، وولي ذكاء أبو الحسن ، ثمّ صرف وأعيد تكين ثمّ صرف سنة تسع.
وولي هلال بن بدر ثمّ صرف في سنة إحدى عشرة.
وولي أحمد بن كيغلغ ثم صرف من عامه ، وأعيد تكين الخاصّة ، فأقام إلى أن مات سنة إحدى وعشرين وثلثمائة ، وورد الخبر بموته إلى بغداد ، وأنّ ابنه محمدا قد قام بالأمر من بعده ، فسيّر إليه القاهر الخلع بتنفيذ الولاية واستقرارها ، ثمّ صرف.
وولي أبو بكر محمر بن طغج الملقّب بالإخشيد (٣) ، ثمّ صرف من عامه ، وأعيد أحمد بن كيغلغ ، ثمّ صرف سنة ثلاث وعشرين.
وأعيد محمد بن طغج الإخشيديّ ، وفي هذا الوقت كان تغلّب أصحاب الأطراف عليها لضعف أمر الخلافة وبطل معنى الوزارة ، وصارت الدواوين تحت حكم الأمراء محمد بن رائق ، وصارت الدّنيا في أيدي عمّالها ؛ فكانت مصر والشام في يد الإخشيد ؛ والموصل وديار بكر وديار ربيعة ومضر في أيدي بني حمدان ؛ وفارس في يد عليّ بن بويه ، وخراسان في يد نصر بن أحمد ، وواسط والبصرة والأهواز في يد اليزيديّ (٤) ، وكرمان في يد محمد بن الياس ، والرّيّ وأصفهان والجبل في يد الحسن بن بويه ، والمغرب وإفريقيّة في يد أبي عمرو الغسّانيّ ، وطبرستان وجرجان في يد الدّيلم ، والبحرين واليمامة وهجر في يد أبي طاهر (٥) القرمطيّ ؛ فأقام محمد بن طغج في مصر إلى أن مات في ذي الحجّة سنة أربع وثلاثين وثلثمائة (٦).
وقام ابنه أبو القاسم أنوجور ـ قال الذهبيّ في العبر : ومعناه بالعربية : محمود مقامه ـ وكان صغيرا ، فأقيم كافور (٧) الإخشيد الخادم الأسود أتابكا ، فكان يدبّر المملكة فاستمرّ إلى سنة تسع وأربعين.
__________________
(١) في الكامل لابن الأثير ٦ / ١١١ : النوشري.
(٢) في الكامل لابن الأثير ٦ / ١٣٧ : الخادم.
(٣) في تاريخ العرب والإسلام لزكار ٤٠١ : الاخشيد كلمة تركية كانت تطلق على ملوك فرغانة في بلاد ما وراء النهر.
(٤) في الكامل لابن الأثير ٦ / ٢٤٧ : البريدي.
(٥) في الكامل لابن الأثير ٦ / ٢٩٩ : توفي في رمضان سنة ٣٣٢ بالجدري.
(٦) في الكامل لابن الأثير ٦ / ٣١٨ : وكان مولده سنة ٢٦٨ ه ببغداد ، وتوفي في دمشق.
(٧) في تاريخ العرب والإسلام لزكار ٤٠٣ : وهو من أصل حبشي أسود الوجه كان قد اشتراه سيّده الإخشيد ثم أعتقه ليصبح من كبار القواد في الدولة ، وحكم كوصيّ اثنين وعشرين عاما.