وفي سنة ثلاث وستّين ، خرج بنو هلال (١) وطائفة من العرب على الحجّاج ، فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وعطّلوا على من بقي منهم الحجّ في هذا العام ، ولم يحصل لأحد حجّ في هذه السنة سوى أهل درب العراق وحدهم.
وفي سنة سبع وستّين كان أمير الحاجّ المصريّ الأمير باديس بن زيري ، فاجتمع إليه اللصوص ، وسألوا منه أن يضمّنهم الموسم هذا العام بما شاء من الأموال ، فأظهر لهم الإجابة ، وقال : اجتمعوا كلّكم حتّى أضمنكم كلّكم ، فاجتمع (٢) عنده بضع وثلاثون لصّا ، فقال : هل بقي منكم أحد؟ فحلفوا أنّه لم يبق منهم أحد ، فعند ذلك أمر بقطع أيديهم كلّهم. ونعمّا فعل!
وفي سنة أربع وثمانين انفرد بالحجّ أهل مصر ، ولم يحجّ ركب العراق (٣) ولا الشام لخوف طريقهم ، وكذا في سنة خمس وثمانين والّتي بعدها.
وفي سنة ست وثمانين قدمت مصر أربع عشرة قطعة من الأسطول ، فقتلت ونهبت ، وأحرقت أموال التجار ، وأخذت سرايا العزيز وحظاياه ، وكان حالا لم ير أعظم منه. ذكره ابن المتوّج.
وفي سنة تسعين أمر الحاكم بمصر بقتل (٤) الكلاب فقتلت كلّها.
وفي سنة اثنتين وتسعين ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة انقضّ كوكب أضاء كضوء القمر ليلة التّمام ، ومضى الضياء ، وبقي جرمه يتموّج نحو ذراعين في ذراع برأي العين ، وتشقّق بعد ساعة. وفي هذه السنة انفرد المصريون بالحجّ ، ولم يحجّ أحد من بغداد وبلاد المشرق (٥) لعبث الأعراب بالفساد ، وكذا في سنة ثلاث وتسعين.
وفي سنة ثلاث وتسعين أمر الحاكم بقطع (٦) جميع الكروم الّتي بديار مصر والصعيد والإسكندريّة ودمياط ، فلم يبق بها كرم ، احترازا من عصر الخمر. وفي هذه السنة أمر الحاكم الناس بالسجود إذا ذكر اسمه في الخطبة.
وفي سنة سبع وتسعين انفرد المصريون بالحجّ ، ولم يحجّ أهل العراق لفساد الطريق بالأعراب ، وكسا الحاكم الكعبة (٧) القباطيّ البيض.
__________________
(١) الكامل لابن الأثير : ٧ / ٥٨.
(٢) الكامل لابن الأثير : ٧ / ٩٣.
(٣) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٦٩.
(٤) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٧٩.
(٥) الكامل لابن الأثير : ٧ / ٢١٥.
(٦) النجوم الزاهرة : ٤ / ١٧٩.
(٧) النجوم الزاهرة : ٤ / ٢١٨.