فتخمد أشواقي وتسكن لوعتي |
|
وأصبح عن كلّ الغرام بمعزل |
ولمّا نفى عنّي الكرى خبر التي |
|
أضاءت بإذن ثمّ رضوى ويذبل |
ولاح سناها من جبال قريظة |
|
لسكان تيما فاللّوى فالعقنقل |
وأخبرت عنها في زمانك منذرا |
|
بيوم عبوس قمطرير مطوّل |
فقلت كلاما لا يدين لقائل |
|
سواك ولا يسطيعه ربّ مقول : |
ستظهر نار بالحجاز مضيئة |
|
كأعناق عيس نحو بصرى لمخيّل |
فكانت كما قد قلت حقّا بلا مرى |
|
صدقت وكم كذبت كلّ معطّل |
لها شرر كالبرق لكن شهيقها |
|
فكالرّعد عند السامع المتأمّل |
وأصبح وجه الشمس كالليل كاسفا |
|
وبدر الدّجى في ظلمة ليس تنجلي |
وغابت نجوم الجوّ قبل غروبها |
|
وكدّرها دور الدخان المسلسل |
وهبّت سموم كالحميم فأذبلت |
|
من الباسقات الشّمّ كلّ مذلّل |
وأبدت من الآيات كلّ عجيبة |
|
وزلزلت الأرضون أيّ تزلزل |
وأيقن كلّ النّاس أنّ عذابهم |
|
تعجّل في الدّنيا بغير تمهّل |
وأعولت الأطفال مع أمّهاتها |
|
فيا نفس جودي ، يا مدامعي اهملي |
جزعت فقام النّاس حولي وأقبلوا |
|
يقولون : لا تهلك أسى وتجمّل |
لعلّ إله الخلق يرحم ضعفهم |
|
وما أظهروه من عظيم التذلّل |
وتاب الورى واستغفروا لذنوبهم |
|
ولاذوا بمنوال الكريم المبجّل |
شفعت لهم عند الإله فأصبحوا |
|
من النار في أمن وبر معجّل |
أغاثهم الرحمن منك بنفحة |
|
ألذّ وأشهى من جنى ومعسّل |
طفى النار نور من ضريحك ساطع |
|
فعادت سلاما لا تضرّ بمصطلي |
وعاش رجاء الناس بعد مماتهم |
|
فيا لك من يوم أغرّ محجّل! |
فيا راحلا عن طيبة إنّ طيبة |
|
هي الغاية القصوى لكلّ مؤمّل |
قفا نبك ذكراها فإنّ الذي بها |
|
أجلّ حبيب وهي أشرف منزل |
دخلت إليها محرما وملبّيا |
|
وأضربت عن سقط الدّخول فحومل |
مواقف أمّا تربها فهي عنبر |
|
وأمّا كلاها فهو نبت القرنفل |
يفوح شذاها ثمّ يعقب نشرها |
|
لما راوحتها من جنوب وشمأل |
فيا خير مبعوث وأكرم شافع |
|
وأنجح مأمول وأفضل موئل |
عليك سلام الله بعد صلاته |
|
كما شفع المسك العبيق بمندل (١) |
__________________
(١) المندل : العود الطيب الرائحة.