وأما في الفروع فكان الخطيب على مذهب الشافعي ، ويقال أنه كان شافعيا منذ باكورة طلبه للعلم ، ويقال أنه كان حنبليا ثم تحول إلى مذهب الشافعية. (١)
وثقه من معاصريه : عبد العزيز الكتاني ، وابن الأكفانى ، وابن ماكولا.
وأشاد به وبعلمه كبار العلماء وجهابذة النقاد أمثال : السمعاني ، وابن النجار ، والسبكى ، وقد اعتبره الكثيرون دارقطني زمانه ، وجعلوه خاتمة المحدثين الحفاظ ، وبه ختم ديوان المحدثين ، كما عبر ابن عساكر وتابعه الذهبي في معناه.
وقد حاول خصومه الطعن في علمه ومن ذلك رميه بالتصحيف ، وبتحديثه عن الضعفاء وبكثرة أوهامه ، كما يرى بعض علماء الحنفية أنه يتعصب على رجال مذهبهم وخاصة في ترجمته للإمام أبى حنيفة رضى الله عنه.
ويتهمه ابن الجوزي بالتعصب ضد الحنابلة ، كما أخذ عليه احتجاجه بالأحاديث الموضوعة في مصنفاته ومدحه للمبتدعة وأصحاب الكلام. وقد رد دارسوه معظم هذه الاتهامات.
وكذلك فقد اتهم بالتدليس ، فقال الحافظ زين الدين العراقي : «وممن اشتهر بتدليس الشيوخ : أبو بكر الخطيب ، فقد كان لهجا به في تصانيفه»
وقد دافع عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال معقبا على كلام العراقي : «ينبغي أن يكون الخطيب قدوة في ذلك ، وأن يستدل بفعله على جوازه ، فإنه إنما يعمى على غير أهل الفن ، وأما أهله فلا يخفى ذلك عليهم لمعرفتهم بالتراجم ، ولم يكن الخطيب يفعل ذلك إيهاما للكثرة ، فإنه مكثر من الشيوخ والمرويات ، والناس بعده عيال عليه ، وإنما يفعل ذلك تفننا في العبارة».
وتدليس الخطيب للشيوخ من أصعب ما يواجه الباحث في مؤلفاته ؛ لذلك نبه العلماء على بعض ذلك ، فنبه الحافظ ابن حجر إلى أن الخطيب يذكر الحاكم النيسابوري باسم «محمد بن نعيم الضبي» ونبه الأكفانى إلى أنه يذكر «عبد العزيز بن محمد الكتاني» باسم «عبد العزيز بن أبى طاهر الصيرفي».
__________________
(١) موارد الخطيب ، ص ٥٠.