فصل
قال الشيخ أبو بكر : قد ذكرنا فيما تقدم القول بأن السواد في الجملة فتح عنوة وصار غنيمة للمسلمين. فقال بعض أهل العلم : لمّا لم يقسم ووقف صار بيعه لا يصح ويؤيد هذا قول عمر بن الخطّاب لطلحة بن عبيد الله وعتبة بن فرقد : أما قوله لطلحة.
فأخبرنا الحسين بن شجاع الصّوفيّ قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصّوّاف قال نبأنا محمّد بن عبدوس بن كامل ومحمّد بن عثمان بن أبي شيبة. قالا : نبأنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نبأنا حميد بن عبد الرّحمن عن حسن عن مطرّف عن بعض أصحابه. قال : اشترى طلحة بن عبيد الله أرضا من النشاستك نشاستك بني طلحة هذا الذي عند السيلحين. فأتى عمر بن الخطّاب فذكر ذلك له فقال : إني اشتريت أرضا معجبة. فقال له عمر : ممن اشتريتها؟ اشتريتها من أهل الكوفة؟ اشتريتها من أهل القادسيّة؟ قال طلحة : وكيف أشتريها من أهل القادسيّة كلهم؟ قال : إنك لم تصنع شيئا إنما هي فيء.
وأما قوله لعتبة.
فأخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق وعليّ بن محمّد بن بشران. قالا : أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصّفّار قال نبأنا الحسن بن على بن عفان قال نبأنا يحيى بن آدم عن عبد السّلام بن حرب عن بكير بن عامر عن عامر. قال : اشترى عتبة بن فرقد أرضا من أرض الخراج ؛ ثم أتى عمر فأخبره ، فقال : ممن اشتريتها؟ قال : من أهلها. قال : فهؤلاء أهلها المسلمون أبعتموه شيئا؟ قالوا : لا. قال : فاذهب فاطلب مالك (١).
وأخبرنا ابن رزق وابن بشران قالا : أنبأنا إسماعيل ، قال : نبأنا الحسن قال نبأنا يحيى قال نبأنا قيس عن أبي إسماعيل عن الشعبي عن عتبة بن فرقد. قال : اشتريت عشرة أجربة من أرض السواد على شاطئ الفرات لقضب لدوابي ؛ فذكرت ذلك لعمر. فقال لي : اشتريتها من أصحابها؟ قلت : نعم : قال : رح إليّ ، فرحت إليه. فقال : يا هؤلاء أبعتموه شيئا؟ قالوا : لا. قال : ابتغ مالك حيث وضعته.
وقال قوم : بل السواد ملك لأهله لأن عمر قد أقره في أيديهم وفرض الخراج عليهم.
__________________
(١) انظر الخبر في : كتاب الخراج ليحيى بن آدم ص ٥٧.