أيسر بعضكم إلى بعض أتحسبونهم الآن في طلبكم؟ فو الله لو كان الصريخ قد بلغهم الآن إنه لكثير ، ولو كان الصريخ عندهم لدخلهم من رعب غارتنا عليهم إلى جنب مدائنهم ما يشغلهم عن طلبنا ثم جهدوا جهدهم ما أدركونا ، نحن على الجياد العراب وهم على المقاريف البطاء ، ولو أنهم طلبونا فأدركونا لم نكن نقاتلهم إلا التماس الثواب ورجاء النصر ، وعمركم الله ، لقد نصرتم عليهم وهم أكثر منكم وأعز. فأقبلوا ومعهم دليلهم حتى انتهى إلى الأنبار واستقبلهم صاحبها بالكرامة ، فوعده المثنى الإحسان إليه لو قد استقام أمرهم فرجع المثنى إلى عسكره.
قال الشيخ أبو بكر : والمثنى هو ابن حارثة بن سلمة بن ضمضم بن سعيد بن مرة ابن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكان بن صعب بن على بن بكر بن وائل وهو أول من حارب الفرس في أيام أبي بكر الصديق.
***
باب ذكر أحاديث رويت في الثّلب لبغداد والطعن على أهليها
وبيان فسادها وعللها وشرح أحوال رواتها وناقليها
أخبرنا أبو القاسم على بن محمّد بن عيسى بن موسى البزّار قال أنبأنا أبو الحسن على بن محمّد بن أحمد المصري قال نا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال نا إبراهيم ابن زياد قال نا خلف بن تميم قال نا عمّار بن سيف قال : سمعت سفيان الثوري يسأل عاصما الأحول عن هذا الحديث فحدّثه عاصم وأنا حاضر عن أبي عثمان عن جرير. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربّل والصّراة ، تجبى إليها خزائن الأرض وجبابرتها ، لهى أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة» (١).
أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عمر بن روح النهرواني قال أنبأنا طلحة بن أحمد بن الحسن الصّوفيّ قال أنبأ محمّد بن أحمد بن صفوة قال نا يوسف بن سعيد قال نا خلف بن تميم قال حدّثني عمّار بن سيف عن عاصم عن أبي عثمان. قال : مرّ جرير ابن عبد الله بقنطرة الصراة ، فقيل : يا صاحب رسول الله ألا تنزل فتصيب من الغداء.
__________________
(١) انظر الحديث بجميع رواياته في : الكامل لابن عدي ٤ / ٣٨٤ ، ٥ / ١٧٢٦. واللآلئ المصنوعة ١ / ٢٤٤. والشفا للقاضي عياض ١ / ٦٧٥. وتفسير القرطبي ٦ / ١٢. وتخريج الإحياء ١ / ١٣٣.والفوائد المجموعة ٤٣٤. وتنزيه الشريعة ٢ / ٥٢.