قال الشيخ أبو بكر : وفي حديثي ابن أبيّ سعد هذين إبطال لقول من زعم أن بغداد دار غصب ، ودحض لزعمه وكسر لدعواه ، وقد قدمنا القول عمّن حكيناه عنه في إجازة بيع أرض السواد ، وتحصل منه أن أرض بغداد ملك لأربابها ، يصح أن تورث وتستغل وتباع ، وعلى ذلك كان من أدركنا من العلماء والقضاة والشهود والفقهاء. لا يكرهون الشهادة في مبيع ، ولا يتوقفون عن الحكم في موروث ، وبهم يقتدى فيما وقع التنازع فيه ، وحكمهم هو الحجة على مخالفيه. مع ما.
أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا أحمد بن محمّد بن موسى وأخبرنا الحسن ابن على الجوهريّ قال أنبأنا محمّد بن العبّاس ، قالا : أنبأنا أحمد بن جعفر بن المنادي. قال : سأل رجل أحمد بن محمّد بن حنبل عن العقار الذي كان يستغله ويسكن في دار منه ، كيف سبيله عنده؟. فقال له : هذا شيء ورثته عن أبي ، فإن جاءني أحد فصحح أنه له خرجت عنه ودفعت إليه.
***
ذكر أقاليم الأرض السبعة وقسمتها
وأن الإقليم الذي فيه بغداد سرتها (١)
ذكر علماء الأوائل أن أقاليم الأرض سبعة ، وأن الهند رسمتها فجعلت صفة الأقاليم كأنها حلقة مستديرة يكتنفها ست دوائر على هذه الصفة ، كل دائرة منها إقليم من الأقاليم الستة ، فالدائرة الوسطى هي إقليم بابل ، والدوائر الست المحدقة بالدائرة الوسطى : فالإقليم الأول منها إقليم بلاد الهند ، والإقليم الثاني إقليم الحجاز ، والإقليم الثالث إقليم مصر ، والإقليم الرابع إقليم بابل ، هو المثل بالدائرة الوسط التي اكتنفتها سائر الدوائر ، وهو أوسط الأقاليم وأعمرها وفيه جزيرة العرب وفيه العراق الذي هو سرّة الدّنيا.
وحدّ هذا الإقليم مما يلي أرض الحجاز وأرض نجد الثعلبية من طريق مكة ، وحده مما يلي الشام وراء مدينة نصيبين من ديار ربيعة بثلاثة عشر فرسخا ، وحده مما يلي أرض خراسان وراء نهر بلخ ، وحده مما يلي الهند خلف الديبل (٢) بستة فراسخ وبغداد في وسط هذا الإقليم.
__________________
(١) انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٨ / ٧٠. ومرآة الزمان ، لسبط ابن الجوزي ١ / ٦١ ـ ٦٥.
(٢) في الأصل : «الدبيل» والتصحيح من القاموس ، والديبل : بضم الباء الموحدة وسكون الياء المثناة ، قصبة بلاد السند.