ذكر تسمية مساجد الجانبين المخصوصة
بصلاة الجمعة والعيدين
كان أبو جعفر المنصور : جعل المسجد الجامع بالمدينة ملاصق قصره المعروف بقصر الذهب : وهو الصحن العتيق ، وبناه باللبن والطين.
ومساحته على ما أخبرنا محمّد بن على الورّاق وأحمد بن على المحتسب قالا : أنبأنا محمّد بن جعفر النّحويّ قال نا الحسن بن محمّد السكوني قال نا محمّد بن خلف قال : وكانت مساحة قصر المنصور أربعمائة ذراع في أربعمائة ذراع ، ومساحة المسجد الأول مائتين في مائتين ، وأساطين الخشب في المسجد ، يعني كل أسطوانة قطعتين معقّبتين بالعقب والغرى وضباب الحديد ، إلا خمسا أو ستّا عند المنارة فإن في كل أسطوانة قطعا ملفقة مدورة من خشب الأساطين (١) ، قال محمّد بن خلف وقال ابن الأعرابي : تحتاج القبلة [إلى (٢)] أن تحرف إلى باب البصرة قليلا ، وإن قبلة الرصافة أصوب منها. فلم يزل المسجد الجامع بالمدينة على حاله إلى وقت هارون الرشيد ، فأمر هارون بنقضه وإعادة بنائه بالآجر والجصّ ففعل ذلك ، وكتب عليه اسم الرشيد.وذكر أمره ببنائه وتسمية البنّاء والنجّار وتاريخ ذلك ؛ وهو ظاهر على الجدار خارج المسجد مما يلي باب خراسان إلى وقتنا هذا.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد قال أنبأنا إسماعيل بن على الخطّبي قال : وهدم مسجد أبي جعفر المنصور وزيد في نواحيه وجدّد بناؤه وأحكم ؛ وكان الابتداء به في سنة اثنتين وتسعين ، والفراغ منه في سنة ثلاث وتسعين ، وكانت الصلاة في الصحن العتيق الذي هو الجامع حتى زيد فيه الدار المعروفة بالقطّان ، وكانت قديما ديوانا للمنصور. فأمر مفلح التركيّ ببنائها على يد صاحبه القطّان فنسبت إليه ، وجعلت مصلّى للناس ، وذلك في سنة ستين أو إحدى وستين ومائتين ، ثم زاد المعتضد بالله الصحن الأول وهو قصر المنصور ، ووصله بالجامع ؛ وفتح بين القصر والجامع العتيق في الجدار سبعة عشر طاقا ؛ منها إلى الصحن ثلاثة عشر ، وإلى الأروقة أربعة ، وحوّل المنبر والمحراب والمقصورة إلى المسجد الجديد.
وأنبأنا إبراهيم بن مخلد قال أنبأنا إسماعيل بن على قال : وأخبر أمير المؤمنين
__________________
(١) انظر الخبر في : المنتظم ٨ / ٧٧ ، ٧٨.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، وأضيف من مطبوعة باريس.