قال عبد الرّحمن : يعني ـ من أرض السواد ـ قال أبو عبيد : وكأنّ عمر بن عبد العزيز تأول الرخصة في أرض الخراج أن الجزية التي قال الله تعالى : (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة ٢٩]. إنما هي على الرءوس لا على الأرض ، وكذلك يروي عنه. قال أبو عبيد يقول : والداخل في أرض الجزية ليس يدخل في هذه الآية.
قال أبو عبيد : وقد احتج قوم من أهل الرخصة بإقطاع عثمان من أقطع من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالسواد. والذي يروى عن سفيان أنه قال : إذا أقر الإمام أهل العنوة في أرضهم توارثوها وتبايعوها ؛ فهذا يبين لك أن رأيه الرخصة فيها.
قال أبو عبيد : إنما اختلافهم في الأرضين المغلة التي يلزمها الخراج من ذات المزارع والشجر ، فأما المساكن والدور بأرض السواد فما علمنا أحدا كره شراءها وحيازتها وسكناها ، قد اقتسمت الكوفة خططا في زمن عمر وهو أذن في ذلك ، ونزلها من أكابر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان منهم سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسعود ، وعمّار ، وحذيفة ، وسلمان ، وخبّاب ، وأبو مسعود ، وغيرهم. ثم قدمها علىّ عليهالسلام فيمن معه من الصحابة فأقام بها خلافته كلها ، ثم كان التابعون بعد بها فما بلغنا أن أحدا منهم ارتاب بها ولا كان في نفسه منها شيء بحمد الله ونعمته ، وكذلك سائر السواد. والحديث في هذا أكثر من أن يحصى (١).
أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال أنبأنا أحمد بن محمّد بن موسى القرشيّ وأنبأنا الحسن بن على الجوهريّ قال أنبأنا محمّد بن العبّاس الخزّاز قال أنبأنا أحمد بن جعفر أبو الحسين. قال : كان فيما فاتني عن العبّاس بن عبد الله الترقفي حدّثني على بن الصباح ابن أخت الهرويّ. قال : أتيت عبد الله بن داود الخريبي فسألته سكنى بغداد. قال : ولا بأس. قلت له : أين ، فإن سفيان الثوري كان لا يدخلها فقال : كان سفيان يكره جوار القوم وقربهم. قلت : فابن المبارك يقول أنه كان كلما دخلها يتصدق بدينار. فقال : ومن أين يصح هذا لنا عن ابن المبارك؟ قلت : فسمعت ابن حرب والفضيل بن عياض. فقال : لم تذكر لنا فقيها بعد. قلت : فما تقول في أرض السواد؟ فقال : خذ بيد من اتخذ من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أرض السواد ، اتخذها سعد بن
__________________
(١) انظر الخبر في : كتاب الأموال ، لأبي عبيد ١٢٠ ، ١٢١.