تعيينات أمراء مكة ومخصصاتهم :
كان بمجرد وفاة أمير مكة ، أو عزله يصبح مقام الإمارة شاغرا ، وبناءا عليه يتم إختيار الشريف الجديد من بين الأشراف وبتأييد من قاضي مكة ؛ وولاة كل من مصر ، والشام ، وجده (١) وتقاريرهم ، يصدر السلطان العثمانى فرمان التعيين.
وإذا ما ثارت العصبية ، واختلف الأشراف حول الأمير المنتخب ، كانت الحكومة تفاضل بين واحد من المرشحين الذين تم تزكيتهما من قبل قاضي مكة ، والولاة المشار إليهم. وكانت الصراعات حول هذا المنصب تخلق العديد من القلاقل فى الحجاز ، وصفحات التاريخ تسجل العديد من المصادمات بين الأشراف ، وبعضهم البعض ، من ناحية ، أو بينهم وبين الدولة العثمانية من ناحية آخرى.
عقب الإستقرار على الأمير المعيّن ، كانت ترسل إليه «برائة التعيين» أو «منشور التعيين» أو الفرمان المتضمن لقرار التعيين ، وتحديد مهام الشريف ـ الأمير الجديد ، واختصاصاته ، ومخصصاته المالية. وخلال القرنين السادس عشر ، والسابع عشر كان الفرمان مختصرا ، ولكن بداية من القرن الثامن عشر كان الفرمان أو المنشور يكتب بشكل مفصل ، ومنمق. فوق ورق آبادى مذهب ويحمل طغراء السلطان. ويوضع في كيس من الحرير الأخضر ، ثم يلف ويوضع داخل صندوق إسطوانى من الذهب ، أو الفضة أو أي معدن آخر ، ثم يختم بالشمع ولا يفتح إلا في الحرم وفى حضور ذوى الإختصاص ؛ من الأشراف ، والقضاة وشيخ الحرم ، وأمير قافلة الحج المصرى ، والشامي ، وقادة الجند ، ووالي الحجاز.
يخرج المنادون إلي الشوارع ، والطرقات ، والمدن الأخرى تنادي بالشريف الجديد ، وتطلق المدفعية تسع عشرة طلقة فى مكة المكرمة. وبعد قراءة المرسوم في الحرم وسط الحشد الكبير ، تتم بيعة الشريف المختار من طرف بقية الأشراف ، والقضاة ، والعلماء ، وسائر ذوى الإختصاص ، بينما يكون الشريف المختار ، واقف أمام المنبر النبوى ، أو على الدرجة الثالثة من المنبر. (٢)
__________________
(١) كانت مكة وضواحيها فى العصور الأولى خاضعة لنفوذ ولاة مصر ، ثم أصح ولاة جده هم آصحاب النفوذ والحكم ، ولما كان ولاة الشام هم أمراء الحج العثمانى فى نفس الوقت ، كان لكل هؤلاء رأي ، ووجهة نظر فى اختيار ، وتعيين الشريف ـ «المترجم».
(٢) امراء مكة المكرمة ، مرجع سبق ذكره ، ص ٢٢.