الأم ؛ والتى لم يشأ آوليا ذكر إسمها ـ كعادة الشرقيين ـ هي فتاة آباظية (١) وفدت هي الآخرى من قفقاسيا (٢). أضحت خالة ، أو إبنة خالة ملك أحمد باشا الذي صار وزيرا ، ثم صدرا أعظم ، في الدولة العثمانية. وقد تزوجها جواهرجي القصر درويش محمد ظلي ... ومن هنا كانت صلة آوليا چلبي بملك أحمد باشا ، وطيدة طوال حياته ، وبسط أحمد باشا عليه عطفه ، وحمايته .. كما حظي برعاية زوجته اسمهان قايا سلطان إبنة السلطان مراد الرابع (١٦٢٣ ـ ١٦٤٠ م). ولهذا ؛ كانوا ينسبون آوليا آحيانا إلي ملك أحمد باشا. كما كانت تربطه قرابة مع دفتردار زاده محمد باشا ، وإبشير باشا ، فقد كان الأخير يخاطبه دائما قائلا «آولياي الحافظ» أو «الحافظ آولياي» ، أما دفتردار زاده فقد كان يصطحبه ، ويجعله فى معيته آينما ذهب .. (٣).
إن آوليا ، بالرغم من ولعه بالحديث عن أسرته ، إلا أننا لا نجده يتحدث عن أمه إلا فى مناسبتين فقط ؛ عندما رأي الحناء في قدميها ، وأعجب بذلك ، وعند ما كان يراها ، وهى تطرز بخيوط الذهب المكرميات ، والملائات «الحراشف» وآغطية المخّديات .. وأنه ذكر ؛ أن من بين المحتويات التى تركتها جدته لأمه ما بين أربعين ، أو خمسين دينارا ذهبيا من سكة السلطان مراد الثالث ، ويتحدث أحيانا عن زوجة أبيه .. وربما يكون مرد ذلك إلى وفاة والدته ، وهو في سن صغير.
لم يذكر من الإخوة سوى أخا ، باسم محمود ، وبضع آخوات ، إحداهن ؛ تسمى «إينال» وهي تكبره ، وقد تزوجها «كل إيلياس پاشا ، أي ايلياس باشا الأقرع» صولاق اوغلى» الذى أعدم في سراي چنكل كوي ، خلال الثورة التى قام بها ، فى عهد مراد الرابع .. ويتضح من حكايات آوليا أنها لم تعش طويلا بعد إعدام زوجها
__________________
(١) آپاظة ـ أپازه ، تقع فى شمال قفقاسيا ، وفى الشمال الغربي من بلاد الچركس ؛ يمتاز مناخها بالإعتدال ، وأرضها خصبة رغم أنها جبلية ، ويعمل الأهالي بالرعي ، ومشهود لهم بالشجاعة. دخلت تحت سيطرة الروس ، لذلك اتفقوا مع الترك والتتار لمحاربتهم ، انظر. ش. سامى. الاعلام ص ٤٠٣ (المترجم).
(٢) قفقاسيا : بلاد القفقاز ـ القفقاس. وتقع بين آسيا وأوروبا ، وبين البحر الأسود ، وبحر الخزر ، تتكون من عشر ولايات. ظلت تابعة للحكم الروسى ، وتنقسم إلى إقليمين قفقاس الأدنى ، وما وراء القفقاس. سكانها يتصفون بالشجاعة وهم من المسلمين السنيين. وهى موطن الچركس ، والشيشان ، ويتصف رجالها ونساءها بالجمال ، ولذلك احتلوا مناصب حساسة فى الدولة العثمانية. (المترجم)
(٣) مرجع سبق ذكره ص ٦CaFer Erkilic ـ ١.