مدهشة ، وإلى الآن يسمع الصوت من هذه الصخرة. وصخور المنطقة كلها ملساء. ومازال الشق الذى أحدثه جبريل عليهالسلام بجناحيه واضح للعيان حتى اليوم. إن بعض النوق تسمع صوت ناقة صالح عليهالسلام أثناء المرور من هذه المنطقة الصخرية ، وتلك النوق التى تسمع الصوت تتجمد فى مكانها ولا تستطيع الحركة ، ولذلك ، فإن القوافل عند مرورها من هذه المنطقة تطلق المدافع والبنادق ويكبر المارة مرددين بصوت عال «الله ... الله ... الله اكبر ..» حتى لا تسمع النوق صوت الأنين الصادر عن ناقة صالح عليهالسلام. ومع أن قافلتنا قد فعلت نفس الشئ ؛ فأطلقت المدافع والبنادق .. وكبرنا جميعا ، إلا أن سبعون ناقة قد توقفت فى مكانها ، ولم تستطع الحركة ، فقام أصحابها بذبحها فداءا فى سبيل الله .. وترضية للباشا ؛ وهم يقولون .. «.. لقد سمعت الإبل صوت الناقة الصغيرة بين الصخور .. ولن ترجى منها فائدة بعد الآن ..».
قام عصاة البدو وأشقياءهم ، بالتفرق والتشتت فى أماكن بعيدة ، بعد أن سمعوا جلبة القافلة ، وطنطنة قوات حسين باشا.
ويمثل شمال مضيق الناقة هذا حدود الشام ؛ حيث أن من يمتلك أمور مصر ، أو يحكمها ، تكون مكة المكرمة ، والمدينة المنورة تحت حكمه ، وإدارته. ويأتى القمح ، والمؤن إلى المدينتين المقدستين من مصر عن طريق السويس ، ولو لا مصر لمات أهل الحجاز ، والطائف جوعا.
وقد حدت أن وقعت مصر فى أيدى الروم سنة ٢٦ م فاستولى الزنوج على مكة والمدينة ، فما كان من «دارشاه» سلطان بغداد آنذاك إلا أن أعمل سيفه فى رقابهم ، وفتح الحجاز ، وكان يرسل المؤن إلى مكة ، والمدينة سنويا. ولم تدخل مكة المكرمة ، أو المدينة المنورة ـ منذ العصر الجاهلى ـ تحت نفوذ الكفرة ، ولن تدخل قط ، إن شاء الله .. وإن كانت المدينتين المقدستين قد خضعتا فى بعض العصور لسيطرة بعض المذاهب الغير سنية.
والحجيج الذين تطأ أقدامهم حدود صخرة الناقة ، يترجلون ويدعون الله قائلين «اللهم ثبت قدمى على طريق عرفات» وتستغرق الرحلة فى هذه المنطقة ساعة واحدة ، حتى تدخل القوافل وادى سمود.