ذى القرنين (١) مضيق سبته. ومن الممكن أن يقبل العقل ذلك ، وهكذا .. فإنه عند ما كانت صحارى الكعبة بحرا ، جفت مياهه مع مرور الزمن ولم يبق سوى بحر السويس [والله على كل شئ قدير]. وتحركت القافلة من هذه المنطقة ، بعد العصر ، إلى مدينة سيدنا صالح.
مدينة سيدنا صالح :
كان سيدنا هود ، وصالح ، وسمود ، وقفّاح قد عاشوا فى هذه الديار ، وبعثهم الله إلى قوم سمود. وقد قمت مع سبعين أو ثمانين رجلا بزيارة هذه المدينة ، ومشاهدة بقاياها ، وأطلالها ، وقد أدى ذلك إلى تخلفنا قليلا إلى مؤخرة القافلة.
وجبالها عبارة عن مغارات ، يربط بينها أنفاق ، وممرات ، يعجز اللسان عن وصفها ، وتثبت للمشاهد أنهم ـ فى ذلك الزمان ـ كانوا قد سيطروا على الحجارة سيطرة كاملة ، وأنهم كانوا يشكلونها ، ويقطعونها ، وكأنهم يقطعون جبّنا هشا. فقد شقوا فى الصخور النوافذ ، والأبواب ، وزينوها بالحفائر ، والنقوش البارزة ، والغائرة ، وشقوا الطرق بينها ، وشيدوا القصور ، وأقاموا الإيوانات ، والدواوين ، وحفروا تحت سطح الأرض قاعات تتسع الواحدة منها إلى ألف أو ألفا شخص. وفوق أبواب هذه المدينة ثبتت كتابات عبرية ، وسريانية ، مكونة من سطر ، أو سطرين ، وهى عبارة عن تواريخ ، وإن كان الناظر إليها ، يظنها نقوش ، فنيه ، بديعة. وقد قمت ـ أنا العبد الحقير ـ بنقشها ، ورسمها ، لتكون مطابقة للأصل قدر الإمكان. وإن شاء الله سأقوم بتصحيحها ، عند إعادة كتابة هذه المسودات. كما نقشت بعض الصور المخيفة على بعض الأبواب كرأس طائر كاسر ، أو تنين ، أو حيوان مفترس وقد دخلت إلى أعماق هذه المغارات ، وكان بها العديد من الهياكل البشرية ، رؤوسها فى حجم يقطين أطنه ـ آضنه ، أزرعتها طويلة ؛ تبلغ
__________________
(١) اسكندر ذو القرنين ـ ذو القرنين :
من أكبر فاتحى العالم ، مقدوني الأصل. كان يرتدى تاجا له شارتان كالقرنين فلقبه الناس بهذا اللقب.
مر اسمه فى القرآن الكريم كفاتح من أكبر الفاتحين ، وقد قام بصراع طويل ضد قومي يأجوج ومأجوج عند حدود الصين ، وتقول الأساطير كان يبحث عن ماء الخلود. اختلف المفسرون حول نبوته وإن اتفقوا حول ولاية من ذكر فى القرآن الكريم. وتختلف الأراء حوله. (المترجم)