وخطب الإمام الحسن عليهالسلام في صبيحة اللّيلة الّتي توفّي فيها (أمير المؤمنين عليهالسلام) فقال : (لقد قبض في هذه الليلة رجل ، لم يسبقه الأوّلون بعمل ، ولا يدركه الآخرون بعمل ، لقد كان يجاهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقيه بنفسه ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يوجهه برايته ، فيكتنفه جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، ولا يرجع حتّى يفتح الله على يديه. ولقد توفي" عليهالسلام" في اللّيلة الّتي عرج فيها بعيسى بن مريم ، وفيها قبض يوشع بن نون" وصي موسى عليهالسلام" ، وما خلّف صفراء ولا بيضاء ، إلّا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله) ثمّ خنقته العبرة فبكى ، وبكى الناس معه ، ثمّ قال : (أنا ابن البشير ، أنا ابن النذير ، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه ، أنا ابن السراج المنير ، أنا من أهل بيت فرض الله مودتهم في كتابه ، فقال تعالى : (" قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً)" (١) ، فالحسنة مودتنا أهل البيت) (٢).
وعند ما أراد الإمام الحسن عليهالسلام مواصلة حرب صفّين كتب إلى معاوية بن أبي سفيان يدعوه إلى المبايعة" كما بايعه المسلمون" فرفض معاوية ، وقال لرسولي الحسن (٣) : (ارجعا ، فليس بيني وبينكم إلّا السيف) (٤).
عندها خطب الإمام الحسن عليهالسلام في مسجد الكوفة فقال : (أما بعد ،
__________________
(١) سورة الشورى الآية : ٢١.
(٢) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٩٠ وأبو الفرج الأصبهاني ـ مقاتل الطالبيين. ص ٥١ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٣ / ١٦ والشيخ المفيد ـ الإرشاد. ص ١٨٨.
(٣) رسولا الإمام الحسن : هما جندب بن عبد الله الأزدي والحارث بن سويد التيمي.
(٤) راضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ص ٨٨.