فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه ، وسمّاه كرها ، ثمّ قال لأهل الجهاد : " اصبروا فإنّ الله مع الصابرين" ، فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبّون إلّا بالصبر على ما تكرهون ، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه إنّا كنّا أزمعنا على المسير إليه فتحرّك لذلك ، اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم في" النّخيلة" (١) ، حتّى ننظر وتنظرون ونرى وترون) (٢).
ثمّ ذهب الإمام الحسن عليهالسلام إلى (معسكر النّخيلة) واستخلف على الكوفة ابن عمّه المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب ، ليحثّ الناس على اللحاق به في معسكر النّخيلة (٣).
فبقي الإمام عليهالسلام في النخيلة عشرة أيّام ، ولم يلتحق به سوى أربعة آلاف مقاتل ، فعاد إلى الكوفة ، ليحثّ الناس على الجهاد ، ثمّ خطب خطبته الّتي يقول فيها (وقد غررتموني كما غررتم من كان قبلي) (٤).
ثمّ سار الإمام الحسن عليهالسلام بجيشه حتّى وصل إلى المدائن فجعلها مقرا لجيشه ، ثمّ أرسل جيشا وعلى إمرته (عبيد الله بن عبّاس بن عبد المطلب) ، فسار هذا بجيشه ووصل إلى" مسكن" (٥) فنزل فيها.
ولمّا علم معاوية بوصول عبيد الله إلى مسكن ، بعث إليه ، مغريا إياه بالمال والجاه ، فهرب عبيد الله إلى معاوية مع ثمانية آلاف من جنوده ، فكان لهذه الخيانة الأثر الكبير في أوساط جيش الإمام الحسن عليهالسلام ، حيث أخذت جماعات كثيرة تنهزم وتلتحق بجيش معاوية ، وكادت هذه الخيانة أن
__________________
(١) النّخيلة : تصغير نخلة ، وهو أسم مكان تجتمع فيه العساكر ، قرب الكوفة على طريق كربلاء.
(٢) راضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ص ٨٨.
(٣) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٤ / ١٥٣.
(٤) راضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ص ١٠٢.
(٥) مسكن : اسم مكان على نهر الدجيل ما بين سامراء وسميكة.