جعدة (١) بنت الأشعث بن قيس ، وأوعدها بأن يعطيها مائة ألف درهم ، ويزوجها من ابنه يزيد إن هي قتلت الحسن ، فوافقت جعدة على ذلك ، ووضعت السمّ في لبن ، وقيل في عسل وقدمته إلى الإمام الحسن عليهالسلام وكان صائما في يوم شديد الحرّ ، ولمّا شعر الإمام بالسمّ قال لها : (يا عدوة الله ، قتلتيني ، قتلك الله ، والله لا تصيبين منّي خلفا ، ولقد غرّك (٢) ، وسخر منك ، يخزيك الله ويخزيه) (٣).
ولمّا مات الحسن عليهالسلام بعث لها معاوية بالمال ، وكتب إليها يقول : (إنّا نحبّ يزيد ، ولو لا ذلك لوفينا لك بتزويجه) (٤). وقال الشاعر في موت الحسن عليهالسلام (٥) :
تأسّ فكم لك من سلوة |
|
تفرج عنك غليل الحزن |
بموت النبيّ وقتل الوصي |
|
وقتل الحسين وسمّ الحسن |
وبينما كان الإمام الحسن عليهالسلام يجود بنفسه من أثر السمّ ، دخل عليه أخوه الإمام الحسين عليهالسلام فسأله : من الّذي سقاه السمّ؟ فقال له الحسن عليهالسلام : (إنّي مفارقك ، ولا حق بربّي ، وإنّي لعارف من سقاني ، وأنا أخاصمه يوم القيامة إلى الله سبحانه وتعالى) ، ثمّ قال : (وادفنّي مع جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّي أحقّ به وببيته ، فإن منعوك ، فأنشدك الله بالقرابة الّتي قرّب عزوجل منك ، والرحم الماسّة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا تريق في أمري دما ، حتّى نلقى رسول الله ونختصم إليه ، ونخبره بما كان من الناس فينا) (٦).
__________________
(١) جعده : زوجة الإمام الحسن عليهالسلام.
(٢) غرك : المقصود به معاوية بن أبي سفيان.
(٣) راضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ج ٢ / ٣٦٥.
(٤) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٢ / ٤٢٧.
(٥) المصدر السابق. ج ٢ / ٤٢٨.
(٦) الحافظ أبي نعيم ـ حلية الأولياء. ص ٢٨ وراضي آل ياسين ـ صلح الحسن. ص ٣٢.