والآخر من ثقيف ، ولمّا وصلا بالقرب من البصرة ، قال الأنصاريّ للثقفي : (يا أخا ثقيف ، إنّي لمّا صليت فكرت فاستحييت من ربّي أن يراني طالب رزق من غيره). ثمّ تابع كلامه فقال : (اللهم رازق ابن عامر ارزقني من فضلك). (١) ثمّ رجع إلى المدينة. أما الثقفيّ ، فقد وصل إلى البصرة ، وبقي أياما على باب ابن عامر حتّى أذن له ، فلمّا دخل على ابن عامر ، رحّب به كثيرا وسأله عن ابن جابر (حيث أعلم به) فأخبره بما كان بينهما فبكى ابن عامر وقال : (والله ما قالها أشرا ولا بطرا ولكن رأى مجرى الرزق ، ومخرج النعمة ، فعلم أنّ الله عزوجل هو الّذي فعل ذلك فسأله من فضله). (٢) ، ثمّ أعطى للثقفي أربعة آلاف وكسوة ، وأرسل ضعفها إلى الأنصاريّ. فخرج الثقفيّ وهو يقول : (٣)
إمامة ما سعى الحريص بزائد |
|
فتيلا ولا عجز الضعيف بضائر |
خرجنا جميعا من مساقط رؤوسنا |
|
على ثقة منّا بجود ابن عامر |
فلمّا أنخنا الناعجات ببابه |
|
تأخّر عنّي اليثربي (٤) ابن جابر |
وقال : ستكفيني عطية قادر |
|
على ما يشاء اليوم للخلق قادر |
فإنّ الّذي أعطى العراق ابن عامر |
|
لربّي الّذي أرجو لسدّ مفاقري |
فلمّا رآني قال : ابن جابر |
|
وحنّ لمّا حنّت عراب الأباعر |
فأضعف عبد الله إذ غاب حظّه |
|
على حظّ لهفان من الحرص فاغر |
وعند ما كان عبد الله بن عامر أميرا على سجستان من قبل عبد الله ابن الحارث (القباع) في خلافة عبد الله بن الزبير ، كان معه الشاعر عمير بن
__________________
(١) القاضي التنوخي ـ نشوار المحاضرة. ج ٥ / ٢٦٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) نفس المصدر السابق. وابن منقذ ـ لباب الألباب. ص ١٤٣.
(٤) اليثربي : يثرب : اسم المدينة قديما.