ولّاه معاوية بن أبي سفيان ، إمارة الكوفة سنة (٤٩) للهجرة ، وقيل سنة (٥٠) (١) وذلك بعد وفاة المغيرة بن شعبة ، وكان زياد قبل ذلك أميرا على البصرة ، فجمع له معاوية إمارة (العراقين) (٢). وهو أوّل من جمعت له الإمارتين في عصر الأمويين (٣).
وزياد بن أبيه ، هو أوّل من رسّخ ووطدّ الحكم لمعاوية في العراق ، فقد شهر سيفه ، وأخذ بالظنّه ، وعاقب على الشبهة ، فخاف منه الناس وهابوه ثمّ أخذ يوزع الأموال على أنصاره وأتباعه من أهل البصرة ، فأعطى لشيوخها ما بين (٣٠٠ ـ ٥٠٠) درهم لكل واحد منهم ، فقال فيه حارثة بن بدر العبدي قصيدة نقتطف منها الأبيات التالية : (٤)
ألا من مبلغ عنّي زيادا |
|
فنعم أخو الخليفة والأمير |
فأنت إمام معدلة وقصد |
|
وحزم حين تحضرك الأمور |
أخوك خليفة الله ابن حرب |
|
وأنت وزيره ، فنعم الوزير |
تصيب على الهوى منه وتأتي |
|
محبّك ما يجنّ له الضمير |
يدر على يديك لمّا أرادوا |
|
من الدنيا لهم حلب غزير |
وقيل إنّ زياد بن أبيه ، كان أبرع شخصية تسلمت (الولاية) في عصر الأمويين ، ومن أقوى أهل زمانه بطشا وشدّة. وقد قال الأصمعي : (الدهاة أربعة : معاوية للرويّة ، وعمرو بن العاص للبديهة ، والمغيرة بن شعبة للمعضلة ، وزياد لكل كبيرة وصغيرة). (٥)
__________________
(١) تاريخ ابن خياط. ج ١ / ٢٤٩. وتاريخ الطبري. ج ٥ / ٢٣٢. والمسعودي ـ المروج. ج ٣ / ٢٥. وأبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٧ / ١٣٤. وتاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٣٥.
(٢) العراقين : الكوفة والبصرة.
(٣) العسكري ـ الأوائل. ص ٢٢٩.
(٤) تاريخ الطبري. ج ٥ / ٢٢٣. وابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٤ / ١٧٥.
(٥) حنا الفاخوري ـ تاريخ الأدب العربي. ص ٣٢٧.