ورجع اهل الكوفة ، كتب اليهم المختار من السجن ، يواسيهم باستشهاد سليمان ، ويحثّهم على المضي في المطالبه بثارات الحسين عليهالسلام وإنه سوف يخرج من السجن عمّا قريب.
ثم كتب المختار إلى عبد الله (١) بن عمر بن الخطاب بالمدينه ، يطلب منه أن يتشفع له عند عبد الله بن يزيد (امير الكوفة) وابراهيم بن محمّد بن طلحة ليخرجاه من السجن ، فكتب ابن عمر اليهما ، فأطلق سراحه ، بعد أن تعهد لهما ألّا يتعرض لهما بسوء.
وقيل إنّ المختار ، سبق له وأن حبسه عبيد الله بن زياد ، ولم يطلق سراحه إلا بعد قتل الحسين عليهالسلام سنة ٦٠ للهجرة ، وبعد أن توسط عبد الله ابن عمر في ذلك. (٢) ثمّ ذهب المختار إلى عبد الله بن الزبير في مكّة فبايعه ، وعند ما بايعه قال له : «أبايعك على أن لا تقضي الأمور دون علمي ، وعلى أن اكون أوّل داخل ، واذا ظهرت استعنت بي على افضل عملك». فقال ابن الزبير : (أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم).
ثم قاتل المختار معه أهل الشام ، أشدّ قتال ، فقال فيه إبن الزبير : «لا أبالي اذا قاتل معي المختار من لقيت ، فإنّي لم أر أشجع منه». (٣)
ويبدو أنّ عبد الله بن الزبير ، قد أدرك غرض المختار ، لذلك لم يولّيه أيّة إمارة ، مما دفع المختار إلى ترك المدينة ، والتوجّه إلى الكوفة يوم الجمعة في الخامس عشر من شهر رمضان من سنة (٦٤) للهجرة ، الموافق ٦ حزيران من سنة (٦٨٤) (٤) للميلاد.
__________________
(١) كان عبد الله بن عمر قد تزوج بأخت المختار.
(٢) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ٢٢٤.
(٣) هند غسان ـ حركة المختار. ص ١٨٩.
(٤) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ١٧٠.