فقام إليه السائب بن مالك ورد عليه. (١)
ثم قام يزيد بن أنس ، وقال : (صدق السائب بن مالك وبرّ ، رأينا مثل رأيه ، وقولنا مثل قوله). ثمّ قال موجها كلامه إلى السائب : (ذهبت بفضلها يا سائب ، لا يعدمك المسلمون ، أما والله لقد قمت وإنّي لا أريد أن أقوم ، فأقول نحوا من مقالتك ، وما أحبّ أنّ الله ولّى الرد عليه رجلا من أهل المصر ليس من شيعتنا).
ثمّ ذهب أياس بن مضارب بعد ذلك إلى عبد الله بن مطيع ، وقال له : (إنّ السائب من رؤوس أصحاب المختار ، وإنّ المختار سيقوم بالثورة لا محال ، فابعث إليه ، واحبسه إلى أن يستتب الأمر ، فإنّ عيوني (٢) قد أخبرتني بذلك) (٣).
وعند ما كان المختار يحارب عبد الله بن مطيع ، أخذ السائب يحرض جماعته على القتال ويقول : (ويحكم يا شيعة آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّكم قد كنتم تقتلون قبل اليوم ، وتقطع أيديكم وأرجلكم ، وتسمل عيونكم ، وتصلّبون أحياء على جذوع النخل وأنتم إذ ذاك في منازلكم لا تقاتلون أحدا ، فما ظنّكم اليوم بهؤلاء القوم ، إذا انتصروا عليكم؟ فالله الله في أنفسكم وأموالكم وأولادكم ، قاتلوا أعداء الله المحلّين (٤) ، فإن النصر مع الصبر). عندها تشجّع الناس ، وأخذوا يقاتلون ببسالة وضراوة حتّى انهزم أصحاب عبد الله بن مطيع ،
__________________
(١) ذكرنا خطبة ابن مطيع ورد السائب عليه في ص ٢٢٦.
(٢) عيوني : المخبرين ، العملاء.
(٣) تاريخ الطبري. ج ٦ / ١١.
(٤) المحلّين : جماعة عبد الله بن الزبير ، حيث أن عبد الله قد أحل القتال في الأشهر الحرم.