ودخل المختار وأصحابه قصر الإمارة. (١)
وعند ما جاء مصعب إلى الكوفة سنة (٦٧) للهجرة ، وحاصر المختار ابن عبيد الثقفيّ في قصر الإمارة ، كان السائب مع المختار ومعه ثمانية عشر قال السائب متمثلا قول عبد الله ابن حذاق : (٢)
هل للفتى من نياب الدهر من واقي |
|
أم هل لحتم إذا ما حم من واقي؟ |
إلى آخر الأبيات ، فلمّا سمع المختار تلك الأبيات من السائب قال : (والله لو لا ما نحن فيه لحفظت هذه الأبيات ، والله يا سائب : لو كان معي عشرة مثلك لغلبنا مصعب وأصحابه). ثمّ قال المختار : ما الرأي يا سائب؟ فقال السائب : الرأي رأيك يا أبا إسحاق.
فقال المختار : (ويحك يا أحمق ، إنّما أنا رجل من العرب ، رأيت ابن الزبير قد وثب بالحجاز ، ورأيت نجدة وثب باليمامة ، ومروان بن الحكم بالشام ، وكنت فيها كأحدهم ، إلّا إنّي قد طلبت بثأر أهل البيت ، إذ نامت عنه العرب ، فقاتل على حسبك إنّ لم يكن لك نيّة). (٣)
فقال السائب : إنّا لله وإنا إليه راجعون ، ما كنت أن أقاتل على حسبي.
فعندها تمثل المختار بقول غيلان بن سلمة بن معتب الثقفيّ : (٤)
ولو يراني أبو غيلان إذ حسرت |
|
عنّي الهموم بأمر ماله طبق |
لقال رهبا ورعبا يجمعان معا |
|
غنم الحياة وهول النفس والشفق |
أما تسق على مجد ومكرمة |
|
أو أسوة لك فيمن تهلك الورق |
ثم خرج المختار من القصر فحارب حتّى قتل ، وقتل معه السائب بن
__________________
(١) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٦ / ١٠٦.
(٢) المصدر السابق. ج ٦ / ١٩٥.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٢٧٣.
(٤) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٦ / ١٩٤. وتاريخ الطبري. ج ٦ / ١٠٧.