عجبت لها إذ كفّنت وهي حيّة |
|
إلّا أنّ هذا الخطب من أعجب العجب |
وقيل : بعد ما قتل المختار ، بقي معزولا عن البصرة ، عزله أخوه عبد الله ابن الزبير وولّى أبنه (حمزّه) ثمّ ذهب مصعب إلى (مكّة) فأعاده أخوه إلى إمارة البصرة. ولمّا قتل المختار في الكوفة ، رجع مصعب إلى البصرة ، واستخلف على الكوفة ، الحارث بن أبي ربيعة (١) (القباع).
وفي سنة (٧١) للهجرة ، ذهب مصعب إلى مكّة لاداء فريضة الحج ، ومعه وجوه وزعماء أهل الكوفة ، فدخل على أخيه (عبد الله) فقال له : (يا أمير المؤمنين ، قد جئتك بزعماء أهل العراق ، ووجهائهم). فقال عبد الله : (جئتني بعبيد أهل العراق؟ لا أعطهم مال الله ، ووددت والله أنّ لي بكلّ عشرة منهم رجلا من أهل الشام صرف الدينار بالدرهم). (٢)
فخرج مصعب ، ومن معه من أهل العراق ثائرين ، غاضبين على عبد الله بن الزبير لأنّه حرمهم عمّا كانوا يأملون ، ثمّ فسدت قلوبهم ، وتغيّرت اتجاهاتهم ، فكتبوا سرّا إلى عبد الملك بن مروان ، للتخلّص من مصعب بن الزبير. (٣)
ولمّا استقرّت البيعة لعبد الملك بن مروان بالشام ، قرّر المجيء إلى العراق لمحاربة مصعب بن الزبير ، فقال له الحجّاج بن يوسف الثقفيّ : (سلطني يا أمير المؤمنين على أهل الشام ، والله لأخرجنهم معك جميعا). (٤)
فأخذ الحجّاج يحرق دار كلّ رجل يتخلّف عن اللّحاق بجيش عبد الملك بن مروان ، فلمّا رآى أهل الشام ذلك خرجوا جميعا ، فسار بهم عبد
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٦ / ١١٩ وابن الأثير. ج ٤ / ٢٧٩ و٢٨١.
(٢) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٢ / ٩٨.
(٣) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٩ / ١٢٢.
(٤) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٤ / ٤١٠.