فالمجالس أمانة). (١)
وقيل أيضا : إنّ عبد الملك بن مروان قال لزفر بن الحارث الكلابي : ما بقي من حبّك للضحاك بن قيس؟ قال : ما لا ينفعه ولا يضرّك. فقال عبد الملك : لكثرة ما أحببتموه يا معاشر قريش؟ فقال زفر : أحببناه ولم نواسه ولو كنّا فعلنا أو أدركنا ما فاتنا عنه. فقال عبد الملك : وما منعك من مواساته يوم المرج (٢)؟ قال زفر : الّذي منع أباك مواساة عثمان يوم الدار (٣).
وجيء إلى عبد الملك برجل كان مع بعض من ثار عليه ، فأمر عبد الملك بقتله ، فقال الرجل : (يا أمير المؤمنين ، ما كان جزائي منك هذا)؟ فقال عبد الملك : (وما هو جزائك؟) فقال الرجل : (والله ما خرجت مع فلان إلّا من أجلك ، ذلك أنّي رجل مشؤوم ما خرجت مع رجل قط إلا غلب وهزم ، وقد تبيّن لك صحّة قولي وكنت عليك خيرا من مائة ألف معك) (٤).
فضحك عبد الملك وخلى سبيله.
ووقف عبد الملك بن مروان على قبر أبيه فقال : (٥)
وما الدهر والأيام إلا كما أرى |
|
رؤية مال أو فراق حبيب |
وإن إمرأ قد جرّب الدهر لم يخف |
|
تقلّب عصريه لغير لبيب |
وكتب الحجّاج بن يوسف الثقفيّ إلى عبد الملك بن مروان يقول :
__________________
(١) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٢ / ٣٢٣.
(٢) يوم المرج : (مرج راهط) وهي المعركة الّتي قتل فيها الضحّاك بن قيس وكان زفر بن الحارث قد هرب فيها.
(٣) يوم الدار : وهو اليوم الّذي حوصر فيه الخليفة عثمان بن عفّان في داره فقتلوه ولم يكن مروان بن الحكم (أبو عبد الملك) قد دافع عن عثمان آنذاك.
(٤) ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ١٥ / ٢٢٩.
(٥) المصدر السابق. ج ١٥ / ٢٣١.