ضربا يزيل الهام عن مقيله |
|
ويذهل الخليل عن خليله |
فما الّذي أرجوه منكم يا أهل العراق؟ أم ما الّذي أتوقعه؟ ولماذا أستبقيكم؟ ولأيّ شيء أدخركم؟ للفجرات بعد العداوات؟ أم للنزوة بعد النزوات؟ وما الّذي أراقب بكم؟ وما الّذي أنتظر فيكم؟ إن بعثتم إلى ثغوركم جبنتم ، وإن أمنتم أو خفتم لما فقتم ، لا تجزون بحسنة ، ولا تشكرون نعمة .. يا أهل العراق ، هل استنبحكم نابح؟ أو استشلاكم غاو؟ أو استحثّكم ناكث؟ أو استنفركم عاص؟ إلّا بايعتموه وتابعتموه وآويتموه وكفيتموه؟
يا أهل العراق ، هل شغب شاغب ، أو نعب ناعب ، أو دب كاذب ، إلّا كنتم أشياعه وأتباعه؟ ... يا أهل العراق ، لم تنفعكم التجارب ، وتحفظكم المواعظ ، وتعضكم الوقائع ، هل يقع في صدوركم ، ما أوقع الله بكم عند مصادر الأمور ومواردها؟ (١)
ثم التفت إلى أهل الشام مخاطبا : (يا أهل الشام ، أنا لكم كالظيلم الرامح عن فراخه ، ينفي عنهم القذى ، ويكتنفهنّ من المطر ، ويحفظهنّ من الذئاب ، ويحميهن من سائر الدواب ، لا يخلص اليهن معه قذى ، ولا يقضي اليهن ردى ، ولا يمسهنّ بأذى .. يا أهل الشام ، أنتم العدة والعدد ، والجنة في الحرب ، إن نحارب حاربتم أو نجانب جانبتم ، وما أنتم وأهل العراق إلا كما قال نابغة بني جعدة : (٢)
وإن تداعي حظهم |
|
لم ترزقوه ولم نكذب |
كقول اليهود : قتلنا المسيح |
|
ولم يقتلوه ولم يصلب |
ولقد خاض الحجّاج معارك عنيفة ، ودامية ، فقد ذهب إلى مكّة وحاصر فيها عبد الله بن الزبير لمدّة خمسين ليلة ، ثمّ ضرب الكعبة
__________________
(١) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ١٣٢.
(٢) كقول اليهود : قتلنا المسيح ولم يقتلوه ولم يصلب.