فلا تلمني والحوادث جمّة |
|
فإنك مجزيّ بما أنت كاسبه |
فأجابه الحجّاج معتذرا ، وضمن كتابه بأبيات نذكر منها :
إذا أنا لم أتبع رضاك وأتقي |
|
أذاك فيومي لا تزول كواكبه |
أسالم من سالمت من ذي قرابة |
|
ومن لم تسالمه فإني محاربه |
إذا قارف الحجّاج منك خطيئة |
|
فقامت عليه في الصباح نوادبه |
فقف بي على حدّ الرضا لا أجوزه |
|
متى الدهر حتّى يرجع الدرّ حالبه |
وإلا فدعني والأمور فإنني |
|
شفيق ، رقيق أهلتّه تجاربه |
وعند ما جاء الحجّاج إلى الكوفة سنة (٧٥) للهجرة ، قيل له إنّ بين الكوفة والحيرة (دير هند) بنت النعمان بن المنذر (١) ، وهي بتمام صحتها وعقلها ، فذهب الحجّاج اليها ، فقيل لها : هذا الأمير (الحجّاج) على الباب ، فخرجت إليه. فقال لها الحجّاج : (يا هند ، ما هو أعجب ما رأيت)؟
قالت هند : (خروج مثلي إلى مثلك ، لا تغترنّ يا حجاج بالدنيا ، فإنا أصبحنا ونحن كما قال النابغة لأبي : (٢)
رأيتك من تعقد له حبل ذمة |
|
من الناس ، يأمن سرجه حيثما ارتقى |
ولم نمس إلا ونحن أذل الناس |
|
وقلّ إناء امتلأ إلا انكفأ |
فخرج الحجّاج مغضبا ، وأمر بإخراجها من الدير ، وبأخذ الخراج منها ، فأخرجت هند من الدير ، ومعها ثلاث جواري من أهلها ، فقالت إحداهن : (٣)
خارجات يسقن من دير هند |
|
معلنات بذلة وهوان |
__________________
(١) وقد تكلّمنا عنها عند ذهابها إلى سعد بن أبي وقّاص في القادسية ج ١ / ٢٠ ، وكذلك عند ما ذهب اليها المغيرة بن شعبة ج ١ / ٤٣.
(٢) العمري ـ مسالك الأبصار. ج ١ / ٣٢٥.
(٣) نفس المصدر السابق.