تأكل من مرعاها ، وجلس هو يتناول عشائه معها. فتبعه السليك ، فضربه بالسيف من خلفه فقتله ، ثمّ أخذ الإبل ورجع إلى أصحابه وقد كادوا ييأسون منه فقال : (١)
وعاشية رح بطان ذعرتها |
|
بضرب قتيل وسطها يتسيف |
كأنّ عليه لون ورد محبّر |
|
إذا ما أتاه صارخ متلهف |
فبات لها أهل خلاء فناؤهم |
|
ومرّت بهم طيرا فلم يتعيفوا |
وجاء الأخطل إلى الكوفة ، فذهب إلى حوشب بن رويم الشيبانيّ ، وقال له : (إنّي تحملت ديتين لأحقن بهما دماء قومي) ، فزجره حوشب (طرده) ، فذهب بعد ذلك إلى (سبّار بن البزيعة) فاعتذر إليه سبّار ، ثمّ ذهب أخيرا إلى (عكرمة الفياض) (وكان كاتبا لبشر بن مروان) فسأله وأخبره بما قال حوشب وسبّار ، فقال عكرمة : (أما أنا فلا أنهرك ، ولا أعتذر اليك ، ولكنّي أعطيك إحداهما عينا والأخرى عرضا) ، فقال الأخطل قصيدة طويلة نقتطف منها الأبيات الآتية : (٢)
والناس همهم الحياة وما أرى |
|
طول الحياة يزيد خير خبال |
وإذا افتقرت إلى الذخائر ، لم تجد |
|
ذخرا يكون كصالح الأعمال |
ومنها : ابن ربعيّ (٣) كفاني سيبه |
|
ضغن العدو بونوة البخّال |
أغليت حين تواكلتني وائل |
|
إنّ المكارم عند ذلك غوالي |
ولقد شفيت غليلي من معشر (٤) |
|
نزلوا بعقوة حية قتّال |
__________________
(١) الزمخشري ـ المستقصى من أمثال العرب. ج ١ / ٢٣٢.
(٢) مجيد طرّاد الكبيسي ـ شرح ديوان الأخطل. ص ١٤٧.
(٣) ابن ربعيّ : هو عكرمة بن الفياض.
(٤) المعشر : هو حوشب وسبّار.