فلم يتمكّن ، فضرب شبيب الباب بعمود كان في يده فثقبه (١) وقيل بقي ذلك الثقب إلى أن خرّب قصر الإمارة.
وكانت (غزالة) زوجة شبيب ، قد نذرت بأنّها إذا دخلت الكوفة فسوف تصلي في المسجد ركعتين ، تقرأ في كلّ ركعة سورة البقرة وآل عمران ، فجاءت غزالة ومعها سبعين فارسا ودخلت المسجد ، فصلت فيه الغداة ، ووفّت نذرها ، فقال أهل الكوفة في تلك السنة : (٢)
وفّت الغزالة نذرها |
|
يا ربّ لا تغفر لها |
وكانت غزالة هذه ، فارسة ، شجاعة ، هرب الحجّاج بن يوسف الثقفيّ منها في بعض حروبه مع شبيب ، فعيّره الناس في ذلك ، فقال حطان بن عمران السدوسي : (٣)
أسد عليّ وفي الحروب نعّامة |
|
فتخاء تنفر من صفير الصافر |
هلّا برزت إلى غزالة في الوغى |
|
بل كان قلبك في جناحي طائر؟ |
وكانت أمّه (جهيرة) (٤) بطلة شجاعة ، تحارب مع المحاربين.
ولمّا عجز الحجّاج عن محاربة شبيب الخارجيّ ، كتب إلى عبد الملك بن مروان ، يطلب منه المساعدة قائلا : (الغوث ، الغوث ، فإن شبيب بن يزيد ، قد هتك الحريم وأيتم الأولاد ، وأرمل الأزواج).
فأرسل إليه عبد الملك ألف رجل من أهل الشام ، ثمّ جاء الحجّاج ، ومعه أربعة آلاف مقاتل من أهل الشام ، فدارت معركة عنيفة في وسط
__________________
(١) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٢ / ٤٥٤.
(٢) المسعودي ـ مروج الذهب. ج ٣ / ١٣٩. وابن العماد ـ شذرات الذهب. ج ١ / ٣١٦.
(٣) تاريخ ابن خياط. ج ١ / ٣٥٢. والذهبي ـ تاريخ الأعلام. ج ٥ / ٣٢٩. وابن العماد ـ الشذرات. ج ١ / ٣١٦. والجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٣٦٥.
(٤) جهيرة : وقيل اسمها جهينة.