وكان أعشى همدان (١) ، متفرّغا ومنقطعا إلى عتاب بن ورقاء ، وكان ينادمه ، فقال عتاب لأعشى همدان ذات يوم : (يا أبا المصبّح ، لئن أصبت إمرة (إمارة) إنّها خاصّة لك ، خاتمي في يدك تقضي في أمور الناس).
وعند ما تولّى عتاب إمارة أصبهان ، ذهب إليه الأعشى ، وذكّره بما قال فتنكّره عتاب ، ولم يهتم ويعتني به ، فقال الأعشى : (٢)
تمنيني إمارتهم تميم |
|
وما أمّي بأمّ بني تميم |
وكان أبو سليمان خليلي |
|
ولكن الشرّاك من الأديم |
أتينا أصبهان فأهزلتنا |
|
وكنّا قبل ذلك في نعيم |
أتذكر يا خويلد إذ غزونا |
|
وأنت على بغيلك ذي الوشوم؟ |
ويركب رأسه في كلّ وعث |
|
ويعثر في الطريق المستقيم |
وليس عليك إلا طيلسان |
|
نصيبيّ وإلا سحق نيم (٣) |
وخطب عتاب بن ورقاء ذات يوم فقال : (هذا كما قال الله تبارك وتعالى : (إنّما يتفاضل الناس بأعمالهم ، وكل ما هو آت آت). فقال له الجالسون : إنّ هذا ليس من كتاب الله. قال عتاب : ما ظننت إلّا أنّه من كتاب الله). (٤)
وخطب أيضا ذات مرة ، وحثّ الناس على الجهاد ، فقال : (هذا كما قال الله تعالى في كتابه العزيز : (٥)
كتب القتل والقتال علينا |
|
وعلى الغانيات جرّ الذيول |
__________________
(١) أعشى همدان : وهو عبد الرحمن بن عبد الله شاعر اليمانيين بالكوفة وفارسهم في عصره ، وأحد الفقهاء الغزاة.
(٢) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج ٨ / ١٩٧.
(٣) سحق نيم : بقايا فروة بالية.
(٤) محمود مقديش ـ نزهة الأنظار. ج ١ / ١٩٧.
(٥) سعيد الكرمي ـ قول على قول. ج ٤ / ٣١.