جيش الحجّاج من البصرة ، فدخلها ابن الأشعث ، وبايعه أهل البصرة على حرب الحجّاج ، وخلع عبد الملك بن مروان ، كما بايعه كثير من العلماء والفقهاء والقرّاء ، امثال : (الشعبي) و (سعيد بن جبير) وغيرهما ، ثمّ خندق ابن ألأشعث على البصرة وحصّنها. (١)
وفي اول سنة (٨٢) للهجرة كانت معركة (يوم الزاوية) بين ابن ألأشعث وبين الحجّاج ، قتل خلآلها الكثير من كلا المتحاربين ، وانهزم عبد الرحمن بن الأشعث إلى الكوفة ، وكان أميرها حينذاك (مطر بن ناجية اليربوعي) ، فطرده من قصر ألأمارة ، واستولى على الكوفة (٢) ، ثمّ خطب في عباد اهل الكوفة وقراءهم قائلا : (أيّها الناس ، ألآ ترون هذا الجبار ، وما يصنع بالناس؟ ألا تغضبون لله ألا ترون أنّ السنة قد أميتت ، والأحكام قد عطلت؟ والمنكر قد أعلن والقتل قد فشى ، أغضبوا لله ، واخرجوا معي ، فهل يحلّ لكم السكوت). فلم يزل يحثّ الناس حتّى استجاب له الكثير. (٣) ثمّ جاء الحجّاج بجيوشه الجرّارة قاصدا الكوفة حتّى وصل إلى (دير الجماجم) فدارت فيه معركة ، قتل فيها الكثير من القرّاء والفقهاء والعبّاد وسائر الناس ، وانهزم ابن الأشعث إلى السوس (٤) ، فتبعه الحجّاج ودارت بينهما معركة في (مسكن) انهزم فيها ايضا ابن ألأشعث.
ثم توالت هزائم ابن الأشعث الواحدة تلو الأخرى ، وألتجأ أخيرا إلى (روتيبل) فكتب الحجّاج إلى (روتيبل) يتهدّده ويتوعّده إن هو لم يسلّم ابن الاشعث ، وبعد مدوالات كثيرة تمّ الاتّفاق بين الحجّاج وروتيبل على
__________________
(١) تاريخ ابن خياط ج ١ / ٢٨٠ وابن الجوزي ـ المنظم ج ٦ / ٢٢٦ والذهبي ـ تاريخ الاعلام ج ٦ / ٦.
(٢) المصادر السابقة بالترتيب ج ١ / ٢٨٢ ، ج ٦ / ٢٣١ وج ٦ / ٩.
(٣) ابو حنيفة الدينوري الاخبار الطوال ص ٣١٧.
(٤) ابن الجوزي ـ المنتظم ج ٦ / ٢٤٤.