والسلام). (١)
وحينما رآى ابن الأشعث أن (روتيبل) يدعو للسلام وحلّ المنازعات بالطرق السلميّة ، كتب إلى الحجّاج يعلمه بذلك. فكتب إليه الحجّاج ، يتهمه بالهدنة والموادعة ، وضعف الرأي ، ويأمره أن يتوغّل في أرض العدو ويهدم حصونهم ويقتل مقاتلتهم ويسبي نسائهم ، ثمّ تبعه بكتاب ثان وثالث يحثّه على الحرب وإلّا فإنّ إسحق بن محمّد (أخاه) أميرا على الجيش. فجمع عبد الرحمن أصحابه وجماعته وقال لهم : (إنّ أميركم كتب إليّ بتعجيل الوغول في أرض العدو ، وهي البلاد الّتي هلك فيها إخوانكم بالأمس وإنّما أنا رجل منكم أمضي إذا مضيتم وآبي إذا أبيتم). (٢)
وقال لهم أيضا : (إنّ الحجّاج لا يبالي سواء قتلنا أو قتلنا وإنّما همّه الوحيد هي «الغنائم» الّتي يحصل عليها من البلدان المفتوحة). ثمّ قرروا بعد ذلك خلع عبد الملك بن مروان والحجّاج بن يوسف الثقفيّ وبايعوا عبد الرحمن بن الأشعث ، وكان ذلك سنة (٨١) (٣) للهجرة.
ثمّ توجه عبد الرحمن بن الأشعث إلى العراق لمحاربة الحجّاج ، وحينما علم الحجّاج بمجئ ابن الأشعث ، كتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ، ويطلب منه ارسال المقاتلين من أهل الشام ، فأرسل عبد الملك إليه «الجنود» ، فسار الحجّاج بجنوده حتّى وصل إلى نهر دجيل ، فدارت معركة بين الطرفين ، قتل فيها ثمانية آلآف رجل من أهل الشام ، فلمّا سمع الحجّاج بذلك هرب ليلا بسفينة إلى البصرة ، فتبعه ابن الأشعث إلى البصرة ، فأنهزم
__________________
(١) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٥ / ١١٦.
(٢) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ٤٦٥. والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج ٥ / ٣٤٣.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٦ / ٣٣٧. وابن تغري بردى ـ النجوم الزاهرة. ج ١ / ٢٠٢. ومحمّد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج ١ / ١١٣.