أحد الجالسين عند سليمان : يا أمير المؤمنين : أقتل يزيد ولا تستبقيه. فقال يزيد بن أبي مسلم : من هذا؟ فقالوا : فلان بن فلان. فقال يزيد : والله لقد بلغني أنّ أمّه ما كان شعرها يوازي أذنها. فضحك سليمان ، وأمر بتخليته. (١)
وجاء رجل إلى يزيد بن أبي مسلم ، فقال له : إنّي رأيت الحجّاج في المنام فقلت له : أخبرني ماذا فعل الله بك؟ قال : قتلني الله بكل قتيل (قتلته) قتلة ، وأنا أنتظر ما ينتظره الموحدّون ثمّ وبعد مرور سنة ، رأيته ثانية فقلت له : ما صنع الله بك؟ فقال : يا عاضّ .. أمّه ، سألتني هذا في العام الماضي وقد أخبرتك. فقال له يزيد : (أشهد أنّك رأيت أبا محمّد (٢) حقّا). (٣)
ولمّا جيء بالشعبي (٤) مكتوفا إلى الحجّاج بعد معركة (يوم الزاوية) رآى يزيد بن أبي مسلم على باب الحجّاج ، فطلب منه أن يتوسط له عند الحجّاج ، فقال له يزيد ليس اليوم يوم شفاعة ، ولكنك إذا دخلت على الحجّاج فاعتذر إليه واعترف له بذنبك ، ثمّ اطلبني شاهدا ، وسوف أشهد لك بما تريد.
فدخل الشعبي على الحجّاج وقال : (أصلح الله الأمير ، خبطتنا فتنة عمياء ، فما كنّا فيها بأبرار أتقياء ، ولا فجّار أقوياء ، وقد كتبت إلى يزيد بن أبي مسلم أعلمه ندامتي على ما فرط منّي ، ومعرفتي بالحق الّذي خرجت منه ، وطلبت منه أن يخبر بذلك الأمير ، ويأخذ لي أمانا منه فلم يفعل). (٥)
__________________
(١) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٦ / ٣١٠.
(٢) ابو محمّد : كنية الحجّاج بن يوسف الثقفيّ.
(٣) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٥ / ٥٦.
(٤) الشعبي : وهو عامر بن شراحيل ، الشعبي ، الحميريّ ، راوية من التابعين ، اتصل بعبد الملك فكان نديمه وسميره ، ثمّ انظم مع كتيبة الثوار الّذين ثاروا مع عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث في حربه مع الحجّاج بن يوسف الثقفيّ. مات سنة (١١٠) للهجرة.
(٥) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٦ / ٢٤٩. وابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٥ / ٣٢.