فالتفت الحجّاج إلى يزيد وسأله : هل صحيح ما يقوله الشعبي؟ فقال له يزيد : نعم ، أصلح الله الأمير ، وما منعني من علمك بذلك سوى انشغال الأمير ، فقال الحجّاج للشعبي : انصرف ، فذهب الشعبي آمنا.
وجيء بامرأة من الخوارج إلى الحجّاج ، وكان عند يزيد بن أبي مسلم ، فكلّم الحجّاج المرأة ، إلّا أنّها لم تجبه وأدارت برأسها عنه ، فقال يزيد : (ويلك ، الأمير يكلّمك)؟ (١) فقالت له المرأة : (بل الويل لك يا فاسق الرديّ). (٢)
وقال عبيد الله بن زياد بن ظبيان : (إيّاكم والطمع ، فإنّه دناءه ، والله لقد كنت على باب الحجّاج وقد خرج منها ، فأردت أن أضربه بالسيف ، فقال لي الحجّاج هل لقيت يزيد بن أبي مسلم؟ قلت : لا ، قال : اذهب إليه فإنّي قد أمرته أن يعطيك عهدك على (الريّ). فطمعت ، وكففت عن قتله ، ولمّا ذهبت إلى يزيد بن أبي مسلم ، فلم أجد عنده (عهد) ولا أيّ شيء آخر ، وإنّما كان الحجّاج حذرا مني). (٣)
ثم عزل يزيد بن أبي مسلم عن العراق سنة (٩٦) للهجرة ، عزله سليمان بن عبد الملك وولّى مكانه (يزيد بن المهلّب) وأمره أن يقتل بني عقيل ويعذّبهم ، وكان على الخراج صالح بن عبد الرحمن. (٤)
وقيل إنّ سليمان بن عبد الملك ، أمر بحبس يزيد بن أبي مسلم ، فبقي يزيد في الحبس طيلة خلافة سليمان ، ولمّا جاء بعده عمر بن عبد العزيز ، أطلق سراح جميع من سجنهم سليمان بن عبد الملك ، ما عدا يزيد بن أبي
__________________
(١) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ١٠١.
(٢) الرديّ : عند الخوارج هو الّذي يعلم الحقّ من قولهم ويكتمه (أي أنه كان يؤيد رأي الخوارج سرا).
(٣) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج ٧ / ٧١.
(٤) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٤ / ٥٩٣.