مسلم فإن (الوضّاح بن خيثمة) وقيل (محمّد بن يزيد الأنصاريّ) لم يخرجه من السجن ، ولمّا مات عمر بن عبد العزيز وجاء بعده يزيد بن عبد الملك ، أطلق سراح يزيد من السجن وعيّنه (أميرا) على أفريقية سنة (١٠١) (١) للهجرة.
وحينما وصل يزيد إلى أفريقية ، قرّر أن يسير فيهم ، سيرة الحجّاج في أهل الإسلام الّذين سكنوا (المدن) من السواد ، وأهل الذّمة فأسلم بالعراق ، فإنّ الحجّاج قد ردّهم إلى (قراهم) (٢) ووضع الجزية عليهم على نحو ما كانت تؤخذ منهم وهم كفّار ، فتظلّم أهل أفريقية إليه ، ولكنه لم يلتفت اليهم ، ولم يعرهم أذنا صاغية ، فلمّا رأوه متعصّبا برأيه ، ثاروا عليه وقتلوه ، وأمّروا عليهم (محمّد بن يزيد (مولى الأنصار» ، وكتبوا إلى الخليفة يزيد بن عبد الملك : (إنّنا لم نخلع أيدينا من الطاعة ، ولكن يزيد بن أبي مسلم ، سامنا ما لا يرضاه الله فقتلناه وأمّرنا علينا محمّد بن يزيد). (٣)
فكتب اليهم يزيد بن عبد الملك : إنّني لم أرض بما فعل يزيد بن أبي مسلم ، وأقرّ محمّد بن يزيد على إمارته ، ثمّ عزله بعد عدّة أيّام.
وقيل : لما وصل يزيد بن أبي مسلم إلى أفريقية (أميرا عليها) أخذ يبحث عن محمّد بن يزيد الأنصاريّ ، ولمّا وجدوه ، جاءوا به إلى يزيد ، فلمّا نظر إليه يزيد قال له : (الحمد لله الّذي مكّنني منك بلا عهد ولا عقد ، فطالما سألت الله أن يمكّنني منك).
فأجابه محمّد بن يزيد : أنا والله ، طالما استعذت بالله منك.
فقال يزيد : فو الله ، ما أعاذك الله منّي ، والله لأقتلنّك ، ولو سابقني ملك
__________________
(١) ابن تغري بردى ـ النجوم الزاهرة. ج ١ / ٢٤٥.
(٢) القرى : جمع قرية.
(٣) ابن تغري بردى ـ النجوم الزاهرة. ج ١ / ٢٤٥.