ثم عزل المفضل ، وأرسل الحجّاج إلى خراسان قتيبة بن مسلم الباهلي ، وأمره بحبس كلّ من وجده من آل المهلّب ، ويعذبهم ، ويأخذ أموالهم ، فقال شاعر من أهل خراسان وقيل الأخطل الكبير : (١)
أبا خالد ضاعت خراسان بعدكم |
|
وقال ذوو الحاجات أين يزيد؟ |
فلا مطر المروان بعد مطرة |
|
ولا أخضر بالمروين بعدك عود |
وقيل إنّ سبب عزل الحجّاج ليزيد ، هو أنّ الحجّاج كان يخاف من يزيد خوفا كثيرا واتهمه بأنه زبيري (٢) ، ثمّ حبسه ، وكان فيروز (٣) بن حصين قد أشار على يزيد بن المهلّب ونصحه بأن لا يتعاون مع الحجّاج ، فلم يقبل منه يزيد ، ولم يسمع كلامه ، ولمّا حبسه الحجّاج فيما بعد وأهله معه قال فيروز : (٤)
أمرتك أمرا حازما فعصيتني |
|
فأصبحت مسلوب الإمارة نادما |
أمرتك بالحجّاج إذ أنت قادر |
|
فنفسك ولي اللّوم إن كنت لائما |
فما أنا بالباكي عليك صبابة |
|
وما أنا بالداعي لترجع سالما |
وعند ما جاء قتيبة بن مسلم الباهلي أميرا على خراسان ، قال (لحصين) : ماذا قلت ليزيد بن المهلّب؟ قال : قلت :
أمرتك أمرا حازما فعصيتني |
|
فنفسك أوّل اللوم إن كنت لائما |
فإن يبلغ الحجّاج أن قد عصيته |
|
فإنّك تلقى أمره متفاقما |
قال قتيبة : بماذا أمرته فعصاك؟ قال : أمرته أن لا يدع صفراء ، ولا بيضاء ، إلّا حملها إلى الأمير.
__________________
(١) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٧ / ٢٠٥. وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٦ / ٢٧٩.
(٢) زبيري : أي من أتباع عبد الله بن الزبير.
(٣) يعرف فيروز بن حصين (يراجع : الكامل ج ٥ / ٥٠٤ وربيع الأبرار ج ٤ / ٣١٢.
(٤) الزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٤ / ٣١٢. وابن الأثير ـ الكامل. ج ٥ / ٥٠٤.