وحينما وصل يزيد بن المهلّب إلى واسط ، طالبه الحجّاج بأموال خراسان ، كما طالبه بدفع مبلغ سبعة آلاف ألف درهم ، ثمّ نادى الحجّاج جلاوزته ، وأمرهم بتقييده ومن ثمّ إيداعه السجن ، ثمّ تمكّن يزيد بن المهلّب من الهرب من السجن (بعد أن رشى السجّان) وذهب إلى فلسطين ، واستجار بسليمان بن عبد الملك فأجاره (١) ، كان ذلك سنة (٩٠) للهجرة.
وقيل إنّ يزيد بن المهلّب ، عند ما كان في السجن ، أخذ الحجّاج يعذبه كثيرا ، فطلب منه يزيد أن يخفف عنه العذاب ، فيعطيه عن كلّ يوم مائة ألف درهم ، فتعجب الحجّاج من جوده وهو في تلك الحال. (٢)
ولمّا سمع الحجّاج بهروب يزيد بن المهلّب ، ولجوءه إلى سليمان بن عبد الملك ، كتب إلى الوليد بن عبد الملك يعلمه بخبر ابن المهلّب ، فكتب الوليد إلى أخيه سليمان وألّح عليه بإرسال ابن المهلّب إليه ، وحينما رآى سليمان إصرار أخيه بطلب ابن المهلّب (٣) ، أخذ سليمان بابنه (أيوب) وقيّده بسلسلة واحدة مع يزيد بن المهلّب ، وأرسلهما إلى أخيه الوليد ، وكتب إليه يقول : (لقد أرسلت اليك يزيد بن المهلّب ، فابدأ بأيوب قبله ، ثمّ اجعل يزيد ثانيا ، واجعلني ثالثا إن شئت والسلام). (٤)
ولمّا جيء بيزيد وأيوب بتلك الحالة ، خجل الوليد ، وعفا عن يزيد ، ثمّ كتب إلى الحجّاج بأن لا يكتب إليه بشأن يزيد بن المهلّب مرّة ثانية.
ثمّ مات الوليد بن عبد الملك سنة (٩٦) للهجرة ، وجاء بعده أخوه سليمان بن عبد الملك ، وأراد سليمان أن يعيّن يزيد بن المهلّب أميرا على
__________________
(١) ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات. ص ٢٩٨. وابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٢٩٥.
(٢) ابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٦ / ٢٧٩.
(٣) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٧ / ٢١٤. ومحمّد أبو الفضل ـ قصص العرب. ج ١ / ٢٢٩.
(٤) نفس المصدر السابق.