وكتب عبد الحميد إلى عمر بن عبد العزيز : (إنّ رجلا قد شتمك ، فأردت أن أقتله). فكتب إليه عمر بن عبد العزيز : (لو قتلته لأقدتك به ، فإنه لا يقتل بشتم أحد ، إلّا رجل شتم نبيا). (١)
وقيل ذهب بلال بن أبي موسى الأشعري إلى الشام ، فدخل المسجد ، وأخذ يصلي ويكثر منها ، فرآه عمر بن عبد العزيز ، فقال للعلاء بن المغيرة بن البنداد : (إن كان سرّ هذا مثل علانيته ، فهو رجل أهل العراق بلا منازع). فقال له العلاء : سوف آتيك بخبره ، فذهب العلاء وكان بلال يصلّي ، فقال له : أسرع في صلاتك فإن لي اليك حاجة ففعل ، فقال له العلاء : أنت تعرف منزلتي عند أمير المؤمنين وإنّه لا يردّ لي طلبا ، فكم تعطيني إذا أشرت عليه بتوليتك العراق؟ فقال بلال : (أعطيك عمالتي سنة) (٢) ، فقال له العلاء : أكتب لي بذلك عهدا ، فكتب له ، وختمه بخاتمه. فذهب العلاء إلى عمر بن عبد العزيز ، وأخبره بحقيقة بلال ، عندها كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن (أمير الكوفة) : (إذا ورد عليك كتابي هذا فلا تستعن على عملك بأحد من آل أبي موسى). (٣) وقيل إنّه كتب إليه : (أما بعد ، فإنّ بلالا غرّنا بالله فكدنا نغترّ به فسبكناه ، فوجدناه خبثا كلّه والسلام). (٤)
وحينما كان عبد الحميد بن عبد الرحمن أميرا على (المدينة) من قبل عمر بن عبد العزيز كتب إليه عمر يقول : (إنّه يخيّل إليّ ، لو كتبت اليك ، أن تعطي رجلا شاة لكتبت اليّ تقول : أضأنا أو معزا؟. ولو كتبت اليك
__________________
(١) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٥ / ٣٦٤. وابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٤ / ٤٣٦.
(٢) عمالتي سنة : أي أجرتي (راتبي) وكان قدرها آنذاك عشرين ألف ألف درهم.
(٣) آل أبي موسى الأشعري. (أحمد زكي ـ جمهرة رسائل العرب. ج ٢ / ٢٧٥).
(٤) ابن سعد ـ الطبقات. ج ٥ / ٣٩٠. والمبرد ـ الكامل. ج ٢ / ٥٢.