وكان مسلمة قد تزوج من الرباب بنت زفر بن الحارث ، وكان يأذن لأخويها (الهذيل وكوثر) بالدخول عليه في أوّل الناس ، فجاء عاصم بن عبد الله بن يزيد ذات يوم إلى قصر مسلمة ، فدخل الهذيل وكوثر قبله ، وعند ما دخل على مسلمة قال (١) :
أمسلمة قد منيتني ووعدتني |
|
مواعيد صدق إن رجعت مؤمرا |
أيدعى الهذيل ثمّ أدعى وراءه |
|
فيالك مدعا ما أذلّ وأحقرا |
وكيف لم يشفع لك اللّيل كله |
|
شفيع إذا ألقى قناعا ومئزرا |
فلست براض عنك حتّى تحبّني |
|
كحبّك صهريك الهذيل وكوثرا |
فأجابه الهذيل قائلا (٢) :
ما فخر فخار عليّ وإنّما |
|
نشأنا وأمّانا معا أمتان |
أبي كان خيرا من أبيك وأفضلت |
|
عليك قديما جرئتي وبياني |
ودخل مسلمة بن عبد الملك على عمر بن عبد العزيز في مرضه الّذي مات فيه وقال له : ألا توصي يا أمير المؤمنين؟. قال : بماذا أوصي؟ فو الله ليس عندي مال. فقال مسلمة : هذه مائة ألف اعط لمن شئت قال عمر : (ردها على من أخذتها منه ظلما). فبكى مسلمة ثمّ قال : (يرحمك الله لقد ألفت منّا قلوبا قاسية ، وأبقيت لنا في الصالحين ذكرا) (٣). وكان يزيد بن عبد الملك قد أحبّ جارية اسمها (حبابة) حتّى هام في حبّها وأنغمس في الشرب واللهو وترك أمور الناس حتّى أصابهم الظلم والجور من حاشيته فذهب إليه أخوه مسلمة وقال له : (لقد مات عمر بن عبد العزيز بالأمس وأنت تعرف ما كان من عدله ورعايته للناس ، فيجب عليك أن تظهر العدل
__________________
(١) ابن الكلبيّ ـ جمهرة الأنساب ج ٢ / ٥٦.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) الآبي نثر الدر ـ ج ٣ / ٧٢.