وفي سنة (٢٦) للهجرة (١) ، حصل خلاف بين سعد وبين عبد الله بن مسعود في قرض كان سعد قد اقترضه من بيت المال ، ولم يتمكّن من تسديده ، فغضب عليه الخليفة عثمان بن عفّان فعزله عن الكوفة وعيّن مكانه الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وقيل عزله سنة (٢٥) للهجرة (٢) ، وولّى جبير ابن مطعم.
وعند ما دخل الوليد بن عقبة على سعد ، سأله سعد قائلا : (يا أبا وهب .. أمير ، أمّ زائر؟!) ، فقال الوليد : أرسلوني أميرا.
فقال سعد بدهشة واستغراب (ما أدري ، أحمقت بعدك ، أمّ كيّست بعدي؟!). (٣) ويحكى أنّ حرقة (٤) بنت النعمان بن المنذر ، كانت إذا ذهبت إلى بيعتها (٥) يفرش لها الطريق بالحرير والديباج ، حتّى تعود إلى قصرها ، ولمّا هلك النعمان نكبها الزمان ، وأصبحت راهبة ، وعند ما كان سعد في القادسيّة (٦) ، ذهبت إليه تطلب مساعدته مع جماعتها ، فلمّا دخلن عليه لم يعرفهن سعد ، فقال : أفيكن حرقة؟ فأجابته حرقة : نعم يا أمير. فقال لها سعد باستغراب : أنت حرقة؟!
قالت : نعم. ثمّ أردفت تقول" (إنّ الدنيا دار زوال ، ولا تدوم على حال ،
__________________
(١) تاريخ الطبري. ج ٤ / ٢٥١ وابن حبان ـ الثقات. ج ٢ / ٢٤٥ وخالد محمّد خالد ـ وداعا عثمان ص ١٣٢.
(٢) تاريخ ابن خياط. ج ١ / ٥٤١ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٣ / ٨٢.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٣ / ٨٢.
(٤) حرقة : بنت النعمان بن المنذر (ملك الحيرة) واسمها هند ، ولقبت بحرقه ، وأخوها حريق بن النعمان. قال الشاعر :
نقسم بالله نسلم الحلقة |
|
ولا حريقا وأخته الحرقة. |
الأصبهاني أبو الفرج ـ الأغاني. ج ٢٤ / ٦٣. وقيل كانت شاعرة.
(٥) البيعة : الكنيسة.
(٦) القادسيّة : مدينة قرب النجف. وفيها كانت معركة القادسيّة.