مالك بن الجارود وعذّب في الحبس حتّى مات.
وعند ما هرب ابن هبيرة من سجن خالد بن عبد الله القسريّ مرّ بالرقّة السوداء ، وإذا بامرأة من بني سليم تحدّث جارتها ليلا على سطح دارها وتقول : (لا والّذي أسأله أن يخلص عمر بن هبيرة مما هو فيه).
فوقف عمر بن هبيرة وقال لأصحابه : هل معكم شيء؟ فأتوه بمائة درهم ، فوضعها في كيس ورمى به نحو المرأة وقال لها : (قد خلّص الله ابن هبيرة مما هو فيه فطبي نفسا). (١)
ودخل أعرابيّ على عمر بن هبيرة وقال (٢) :
أصلحك الله خذ ما بيدي |
|
فما أطيق العيال إذ كثروا |
ألّح دهر أنحى بكلكله |
|
فأرسلوني اليك وانتظروا |
رجوك للدهر أن تكون لهم |
|
غيث سحاب إن خانهم مطر |
فضحك ابن هبيرة وقال للأعرابي : أرسلوك اليّ وانتظروا ، إذن والله لا تجلس حتّى ترجع اليهم غانما ، فأمر له بألف دينار.
وهجا الفرزدق يوما عمر بن هبيرة فحبسه ابن هبيرة ولم يقبل أيّ شفاعة فيه ، فدخل الشاعر أبو نخيلة (٣) على ابن هبيرة في يوم عيد الفطر ، فقال : (٤)
أطلقت بالأمس أسير بكر |
|
فهل فداك نقري ووفري؟ |
من سبب أو حجة أو عذر |
|
ينجي التميميّ القليل الشكر |
من حلق القيد الثقال السمر |
|
ما زال مجنونا على أست الدهر |
__________________
(١) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج ٣ / ٨٤. والزمخشري ـ ربيع الأبرار. ج ٣ / ٥١٥.
(٢) المبرد ـ الكامل. ج ١ / ١٩٠.
(٣) أبو نخيلة : ابن حزل بن زائدة بن لقيط ، وأبو نخيلة : هو اسمه وليس لقبه.
(٤) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ٢٠ / ٣٩٦.