وعند ما قبض خالد القسريّ عل عمر بن هبيرة ، قال رجل من بني أسد يجيب الفرزدق : (١)
عجب الفرزدق من فزارة أن رآى |
|
عنها أميّة بالمشارق تنزع |
فلقد رآى عجبا وأحدث بعده |
|
أمرا تضجّ له القلوب وتفزع |
بكت المنابر من فزارة شجوها |
|
فاليوم من قسر تذوب وتجزع |
وملوك خندف أسلمونا للعدا |
|
لله درّ ملوكنا ما تصنع |
كانوا كتاركة بينها جانبا |
|
سفها وغيرهم تصون وترضع |
ثمّ تمكّن عمر بن هبيرة من عمل نفق داخل السجن فهرب منه ، وفي ذلك قال الفرزدق : (٢)
ولمّا رأيت الأرض قد سد ظهرها |
|
ولم تر إلا تحتها لك مخرجا |
دعوت الّذي ناداه يونس بعد ما |
|
هوى في ثلاث مظلمات ففرجا |
فأصبحت الأرض قد سرت سيرة |
|
وما سار سار مثلها حين أدلجا |
خرجت ولم تمنن عليك شفاعة |
|
سوى حثّك التقريب منآل أعوجا |
فلمّا سمع ابن هبيرة بأنّ الفرزدق قد مدحه فقال : ما رأيت أشرف من الفرزدق ، هجاني أميرا ومدحني أسيرا. وعند ما سمع خالد القسريّ بهروب ابن هبيرة من السجن أرسل في طلبه مالك بن المنذر بن الجارود ، فتمكّن هذا من اللّحاق به فقبض عليه فقتله. كان ذلك سنة (١١٠) (٣) للهجرة.
وقيل سنة (١٠٧) (٤) تقريبا.
فلمّا سمع هشام بن عبد الملك بقتل ابن هبيرة تألّم كثيرا ، فأمر بحبس
__________________
(١) أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١١ / ٣٧٩.
(٢) ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد. ج ٢ / ١٨٦.
(٣) البراقي ـ تاريخ الكوفة. ص ٢٣١.
(٤) الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٤ / ٥٦٢.