فأعفيتني لما رأيت زمانتي |
|
ووفقت منّي للقضاء المسدد |
وكان عمر بن هبيرة عند ما يصعد إلى المنبر يقول : (اللهم إنّي أعوذ بك من عدو يسري ومن جليس يغري ، ومن صديق يطري). (١) وقال أيضا : (اللهم إنّي أعوذ بك من طول الغفلة وإفراط الفطنة ، اللهم لا تجعل قولي فوق عملي ، ولا تجعل أسوء عملي ما قارب أجلي). (٢) وقال أيضا : (ما يمنعني من قول الشعر ، إلّا أكون قادرا عليه لو أردته ، لكنّي رأيته وضع النابغة الذبياني وهو سيّد غطفان). (٣)
وكان عمر بن هبيرة أميّا (لا يقرأ ولا يكتب) وكان إذا جاءه كتاب فتحه ونظر فيه (كأنه يقرأه) فإذا ذهب إلى بيته ، أخذ الكتاب معه وكان في بيته (جارية) تقرأ له الكتب ثمّ يأمرها بأن توقع هي الكتب الّتي يرسلها.
وكتب بعض أصحابه كتابا على لسان أحد عماله ثمّ طواه وأعطاه إلى ابن هبيرة مقلوبا فأخذه أبن هبيرة كما هو ولم يجعله بصورة صحيحة ، فعند ذلك عرف بأنّ ابن هبيرة أميّا). (٤)
وعند ما تولّى هشام بن عبد الملك الخلافة سنة (١٠٥) للهجرة عزل عمر بن هبيرة عن العراق وولّاه خالد بن عبد الله القسريّ وأمره أن يأخذ ابن هبيرة ويعذّبه حتّى يعطيه الأموال الّتي جباها من العراق ، فذهب خالد القسريّ إلى البصرة وقبض على ابن هبيرة وسجنه وأخذ يعذّبه أنواع العذاب ، ولمّا سمع أهل البصرة بذلك تألّموا عليه كثيرا لأنّهم كانوا يحبّونه. (٥)
__________________
(١) الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ٢ / ٣٩٣.
(٢) المصدر السابق. ج ٣ / ٢٧١.
(٣) البلاذري ـ أنساب الأشراف. ج ١ / ٤١٠.
(٤) التوحيدي ـ البصائر والذخائر. ج ٥ / ١١٣.
(٥) ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٨ / ٣٦.