وقد كتب هشام بن عبد الملك كتابا بخط يده (لم يطّلع عليه أحد) إلى يوسف بن عمر وكان (أميرا على خراسان) يأمره بالذهاب إلى العراق حتّى يصل الكوفة ، فيقبض على خالد بن عبد الله القسريّ ، ويأخذ منه ستّة وثلاثين ألف ألف درهم. (١)
ولمّا وصل يوسف بن عمر إلى الكوفة ، فدخل المسجد ، وجاء خالد القسريّ ليصلّي بالناس فمنعه يوسف بن عمر ، وأخرجه من المسجد ، ثمّ صلّى يوسف بالناس ، وقرأ في الركعة الأولى : (إذا وقعت الواقعة) ، وقرأ في الركعة الثانية (سأل سائل بعذاب واقع) ثمّ قبض على خالد القسريّ وأصحابه ، وعذّبه عذابا شديدا.
وقيل كان خالد القسريّ جالسا على دكّة دكّان ، فجذبه يوسف حتّى سقط على وجهه. (وقال بعض الحاضرين : قد فعل خالد بعمر بن هبيرة ، مثلما فعله به يوسف بن عمر ، فمن ولي فليحسن) (٢).
وكان يوسف بن عمر ، قصير القامة (. جدا) ذو لحية طويلة (جدا) تصل إلى أسفل سرته ، وكان يضرب به المثل في الحمق ، وكان إذا أراد أن يخيط له ثوبا ، فيشتري القماش ويذهب به إلى الخياط ، فاذا قال له الخياط : بإنّ القماش قليل ، ويحتاج إلى قماش اكثر ، أكرمه ، وإن قال له : بأن القماش كثير ، أهانه ، لأنّه يشعر بقصره.
وقد سار يوسف بن عمر بأهل الكوفة كسيرة ابن عمّه الحجّاج بن يوسف الثقفيّ في قسوته ، وتعذيبه للناس طيلة إمارته على الكوفة ، وخطبته في أهل الكوفة بعد مقتل زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام خير دليل على قساوته ولؤمه ، وحقده ، فقد جاء فيها : (يا أهل المدرة
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ٣٢٣.
(٢) صالح خريسات ـ تهذيب تاريخ الطبري ص / ٤٤٩.